الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ وفعل الذين من قبلهم التكذيب وأقدموا عليه جعل تكذيب الرسل مسبباً عنه وهو كقول القائل أقدم فلان على الكفر فكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم
قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (٤٦)
﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بواحدة﴾ بخصلة واحدة وقد فسرها بقوله ﴿أَن تَقُومُواْ﴾ على أنه عطف بيان لها وقيل هو بدل وعلى هذين الوجهين هو في محل الجر وقيل هو في محل الرفع على تقدير وهي أن تقوموا والنصب على تقدير أعني وأراد بقيامهم القيام عن مجلس رسول الله ﷺ وتفرقهم عن مجتمعهم عنده
سبأ (٤٩ - ٤٦)
أو قيام القصد إلى الشيء دون النهوض والانتصاب والمعنى إنما أعظكم بواحدة إن فعلتموها أصبتم الحق وتخلصتم وهي أن تقوموا ﴿لِلَّهِ﴾ أي لوجه الله خالصاً لا لحمية ولا عصبية بل لطلب الحق ﴿مثنى﴾ اثنين اثنين ﴿وفرادى﴾ فرداً فرداً ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ﴾ في أمر محمد ﷺ وما جاء به أما الاثنان فيتفكران ويعرض كل واحد منهما محصول فكره على صاحبه وينظران فيه نظر الصدق والإنصاف حتى يؤديهما النظر الصحيح إلى الحق وكذلك الفرد يتفكر في نفسه بعدل ونصفة ويعرض فكره على عقله ومعنى تفرقهم مثنى وفرادى أن الاجتماع مما يشوش الخواطر ويعمي البصائر ويمنع من الرؤية ويقل الإنصاف فيه ويكثر الاعتساف ويثور عجاج التعصب ولايسمع إلا نصرة المذهب وتتفكروا معطوف على تقوموا ﴿ما بصاحبكم﴾ يعنى محمد ﷺ ﴿مّن جِنَّةٍ﴾ جنون والمعنى ثم تتفكروا فتعلموا ما بصاحبكم من جنة ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ قدام عذاب شديد وهو عذاب الآخرة وهو كقوله عليه السلام بعثت بين يدي الساعة