قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠)
ولما قالوا قد ضللت بترك دين آبائك قال الله تعالى ﴿قُلْ إِن ضَلَلْتُ﴾ عن الحق ﴿فَإِنَّمَا أَضِلُّ على نَفْسِى﴾ إن ضللت فمني وعليّ ﴿وَإِنِ اهتديت فَبِمَا يُوحِى إِلَىَّ ربي﴾ أى فبتسديده بالوحي إلي وكان قياس التقابل أن يقال وإن اهتديت فإنما أهتدي لها كقوله فَمَنِ اهتدى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ولكن هما متقابلان معنى لأن النفس كل ما عليها وضار لها فهو بها وبسببها لأنها الأمارة بالسوء ومالها مما ينفعها فبهداية ربها وتوفيقه وهذا حكم عام لكل مكلف وإنما أمر رسوله أن يسنده إلى نفسه لأن الرسول إذا دخل تحته مع جلالة محله وسداد طريقته كان غيره أولى به ﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ﴾ لما أقوله لكم ﴿قَرِيبٌ﴾ مني ومنكم يجازيني ويجازيكم
وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (٥١)
﴿وَلَوْ تَرَى﴾ جوابه محذوف أي لرأيت أمراً عظيماً وحالاً هائلة ﴿إِذْ فَزِعُواْ﴾ عند البعث أو عند الموت أو يوم بدر ﴿فَلاَ فَوْتَ﴾ فلا مهرب أو فلا يفوتون الله ولا يسبقونه ﴿وأخذوا﴾ عطف على فزعوا وأخذوا فلا فوت لهم أو على لافوت على معنى إذا فزعوا فلم يفوتوا وأخذوا ﴿مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ﴾ من الموقف إلى النار إذا بعثوا أو من ظهر الأرض إلى بطنها إذا ماتوا أو من صحراء بدر إلى القليب
وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٥٢)
﴿وَقَالُواْ﴾ حين عاينوا العذاب ﴿آمَنَّا بِهِ﴾ بمحمد عليه السلام لمرور ذكره في قوله مَا بصاحبكم من جنة أو بالله ﴿وأنى لَهُمُ التناوش مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ﴾ التناوش التناول أي كيف يتناولون التوبة وقد بعدت عنهم يريدان النوبه كانت تقبل منهم في الدنيا وقد ذهبت الدنيا وبعدت من الآخرة وقيل هذا تمثيل لطلبهم ما لا يكون وهو أن ينفعهم إيمانهم في ذلك الوقت كما نفع المؤمنين إيمانهم في الدنيا مثلت حالهم بحال من يريد أن يتناول الشيء من غلوة كما يتناول الآخرة من قيس ذراع التناوش بالهمزة أبو عمرو وكوفي غير حفص همزت الواو لأن كل واو مضمومة ضمتها