المكرات السيآت لأن مكر فعل غير متعدٍ لا يقال مكر فلان عمله والمراد مكر قريش به عليه السلام حين اجتمعوا في دار الندوة كما قال الله تعالى وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الذين كفروا ليثبتوك الآية ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ في الآخرة ﴿وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ﴾ مبتدأ ﴿هُوَ﴾ فصل ﴿يَبُورُ﴾ خبر أي ومكر أولئك الذين مكروا هو خاصة يبور أي يفسد ويبطل دون مكر الله بهم حين أخرجهم من مكة وقتلهم وأثبتهم في قليب بدر فجمع عليهم مكراتهم جميعا وحقق فيهم قوله تعالى وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله والله خَيْرُ الماكرين وقوله ولا يحيق المكر السىء إلا بأهله
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١١)
﴿والله خَلَقَكُمْ﴾ أي أباكم ﴿مّن تُرَابٍ ثُمَّ﴾ أنشأكم ﴿مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أزواجا﴾ أصنافاً أو ذكراناً وإناثاً ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أنثى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ﴾ هو في موضع الحال أى إلا معلومة له ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ﴾ أي وما يعمر من أحد وإنما سماه معمراً بما هو صائر إليه ﴿وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عمره إلا في كتاب﴾ يعنى الوح أو صحيفة الإنسان ولا ينقص زيد فإن قلت الإنسان إما معمر أي طويل العمر أو منقوص العمر أي قصيره فأما أن يتعاقب عليه التعمير وخلافه فمحال فكيف صح قوله وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ قلت هذا من الكلام المتسامح فيه ثقة في تأويله بأفهام السامعين واتكالاً على تسديدهم معناه بعقولهم وأنه لا يلتبس عليهم إحالة الطول والقصر في عمر واحد وعليه كلام الناس يقولون لا يثيب الله عبدا ولا يعاقيه إلا بحق أو تأويل الآية أنه يكتب في الصحيفة عمره كذا كذا سنة ثم يكتب في أسفل ذلك ذهب يوم ذهب يومان حتى يأتى على آخر فذلك نقصان عمره وعن قتادة المعمر من يبلغ ستين سنة والمنقوص من عمره من يموت قبل ستين سنة ﴿إِنَّ ذلك﴾ أي إحصاءه أو زيادة العمر ونقصانه ﴿عَلَى الله يسير﴾ سهل