والخضوع وعلامته أن لا يسأل من أحد وقال الواسطي من استغنى بالله لا يفتقر ومن تعزز بالله لا يذل وقال الحسين على مقدار افتقار العبد إلى الله يكون غنياً بالله وكلما ازداد افتقاراً ازداد غنى وقال يحيى الفقر خير للعبد من الغنى لأن المذلة في الفقر والكبر في الغنى والرجوع إلى الله بالتواضع والذلة خير من الرجوع إليه بتكثير الأعمال وقيل صفة الأولياء ثلاثة الثقة بالله في كل شيء والفقر إليه في كل شيء والرجوع إليه من كل شيء وقال الشبلي الفقر يجر البلاء وبلاؤه كله عز
إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦)
﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ كلكم إلى العدم فإن غناه بذاته لابكم في القدم ﴿وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ وهو بدون حمدكم حميد
وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (١٧)
﴿وَمَا ذلك﴾ الأنشاء والإفناء ﴿عَلَى الله بِعَزِيزٍ﴾ بممتنع وعن ابن عباس يخلق بعدكم من يعبده لا يشرك به شيئاً
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (١٨)
﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى﴾ ولا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى والوزر والوقر أخوان ووزر الشيء إذا حمله والوازرة صفة للنفس والمعنى أن كل نفس يوم القيامة لا تحمل إلا وزرها الذي اقترفته لا تؤاخذ نفس بذنب نفس كما تأخذ جبابرة الدنيا الولي بالولي والجار بالجار وإنما قيل وازرة ولم يقل ولا تزر نفس وزر أخرى لأن المعنى أن النفوس الوازرات لا ترى منهن واحدة إلا حاملة وزرها لا وزر غيرها وقوله ليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وارد في الضالين المضلين فإنهم يحملون أثقال إضلال الناس مع أثقال ضلالهم وذلك كله أوزارهم ما فيها شيء من وزر غيرهم ألا ترى كيف كذبهم الله تعالى في قولهم اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم بقوله وماهم بحاملين من خطاياهم من شىء ﴿وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ﴾ أي نفس مثقلة بالذنوب أحداً ﴿إلى حِمْلِهَا﴾ ثقلها أي ذنوبها ليتحمل عنها بعض ذلك