أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (٢٧)
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ﴾ بالماء ﴿ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا﴾ أجناسها من الرمان والتفاح والتين والعنب وغيرها مما لا يحصر أو هيآتها من الحمرة والصفرة والخضرة ونحوها ﴿وَمِنَ الجبال جدد﴾ طرق مختلفة اللون جمع جدة كمدة ومدد ﴿بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ ألوانها وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾ جمع غربيب وهو تأكيد للأسود يقال أسود غربيب وهو الذي أبعد في السواد وأغرب فيه ومنه الغراب وكان من حق التأكيد أن يتبع المؤكد كقولك أصفر فاقع إلا أنه ضمر المؤكد قبله والذي بعده تفسير للمضمر وإنما يفعل ذلك لزيادة التوكيد حيث يدل على المعنى الواحد من طريقي الإظهار والإضمار جميعاً ولا بد من تقدير حذف المضاف في قوله وَمِنَ الجبال جُدَدٌ أي ومن الجبال ذو جدد بيض وحمر وسود حتى يؤل إلى قولك ومن الجبال مختلف ألوانه كما قال ثمرات مختلفاً ألوانها
وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨)
﴿وَمِنَ الناس والدوآب والأنعام مُخْتَلِفٌ ألوانه﴾ يعني ومنهم بعض مختلف ألوانه ﴿كذلك﴾ أي كاختلاف الثمرات والجبال ولما قال أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السماء مَاء وعدد آيات الله وأعلام قدرته وآثار صنعته وما خلق من الفطر المختلفة الأجناس وما يستدل به عليه وعلى صفاته ابتع ذلك ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ أي العلماء به الذين علموه بصفاته فعظموه ومن ازداد علماً به ازداد منه خوفاً ومن كان علمه به أقل كان آمن وفي الحديث أعلمكم بالله أشدكم له خشية وتقديم اسم الله تعالى وتأخير العلماء يؤذن ان معناه ان الذين يخشون من عباده العلماء دون غيرهم ولو عكس لكان المعنى أنهم لا يخشون إلا الله كقوله ولا يخشون


الصفحة التالية
Icon