جَوَابَ الْأَمْرِ بِالْفَاءِ يَكُونُ مَنْصُوبًا وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى مَعْنَى: فَهُوَ يَكُونُ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ قَالَ: فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ والمعدوم لا يخاطب؟ قيل: قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ مَعْنَاهُ: فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ، أَيْ: لِأَجْلِ تَكْوِينِهِ، فَعَلَى هَذَا ذَهَبَ مَعْنَى الْخِطَابِ، وَقِيلَ: هُوَ وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا ولكنه قُدِّرَ وُجُودُهُ وَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ كَانَ كَالْمَوْجُودِ، فَصَحَّ الْخِطَابُ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: الْيَهُودُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
النَّصَارَى، وَقَالَ قَتَادَةُ: مُشْرِكُو العرب، لَوْلا: هَلَّا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ: عِيَانًا بِأَنَّكَ رَسُولُهُ، وَكُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ لَوْلا فَهُوَ بِمَعْنَى هَلَّا إِلَّا وَاحِدًا وهو قوله: فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) [الصَّافَّاتِ: ١٤٣، مَعْنَاهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ، أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ: دَلَالَةٌ وَعَلَامَةٌ عَلَى صِدْقِكَ [فِي ادِّعَائِكَ النُّبُوَّةَ] [١]، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، أَيْ: كُفَّارُ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ، أَيْ: أَشْبَهَ بَعْضُهَا [٢] بَعْضًا فِي الكفر والقسوة [والعماوة] [٣] وَطَلَبِ الْمُحَالِ، قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ.
إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ، أَيْ: بِالصِّدْقِ كَقَوْلِهِ: وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ [يُونُسَ:
٥٣]، أَيْ: صِدْقٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: بِالْقُرْآنِ دَلِيلُهُ: بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ [ق:
٥]، وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: بِالْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِهِ، دَلِيلُهُ: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ [الْإِسْرَاءِ: ٨١]، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مَعْنَاهُ لَمْ نُرْسِلْكَ عَبَثًا إِنَّمَا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ، كَمَا قَالَ: وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ [الْحِجْرِ: ٨٥]، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: بَشِيراً، أَيْ: مُبَشِّرًا لِأَوْلِيَائِي وَأَهْلِ طَاعَتِي بِالثَّوَابِ الْكَرِيمِ، وَنَذِيراً، أَيْ: مُنْذِرًا مُخَوِّفًا لِأَعْدَائِي وَأَهْلِ مَعْصِيَتِي بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ، قَرَأَ نَافِعٌ وَيَعْقُوبُ: «وَلَا تُسْأَلْ» :
على النهي.
ع «٨٠» وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: «لَيْتَ شِعْرِي ما فعل بأبواي»، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَقِيلَ: هُوَ على معنى قولهم: لا تَسْأَلْ عَنْ [شَرِّ] [٤] فُلَانٍ فَإِنَّهُ فَوْقَ مَا تَحْسَبُ، وَلَيْسَ عَلَى النهي، وقرأ الآخرون وَلا تُسْئَلُ بِالرَّفْعِ، عَلَى النَّفْيِ بِمَعْنَى: وَلَسْتَ بمسؤول عَنْهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ [الرعد: ٤٠]، عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ، وَالْجَحِيمُ مُعْظَمُ النار.
- وأخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ١٢٦ والطبري ١٨٧٧ و١٨٧٨ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعَّبٍ الْقُرَظِيِّ مرسلا. وهو مرسل ضعيف.
- وذكره السيوطي في «الدر» (١/ ٢٠٩) وزاد نسبته إلى وكيع وعبد بن حميد وابن المنذر.
وفي إسناده موسى بن عبيدة الربذي ضعيف كما في التقريب، وقال السيوطي في «دره» : هذا مرسل ضعيف الإسناد.
- وورد عن داود بن أبي عاصم مرسلا أخرجه الطبري ١٨٧٩ وذكره السيوطي في «الدر» وقال: والآخر معضل الإسناد ضعيف لا يقوم به حجة، ولا بالذي قبله حجة اه.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع وحده «بعضهم».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيد في المطبوع.