رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ، أَيْ: فِي الْأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِ مِنْ ذرية إبراهيم وإسماعيل، وقيل: في أَهْلِ مَكَّةَ، رَسُولًا مِنْهُمْ، أَيْ: مُرْسَلًا مِنْهُمْ، أَرَادَ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
«٨٨» حَدَّثَنَا السَّيِّدُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الْمُوسَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّاسٍ الْبَلْخِيُّ، أَنَا الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ حَمَدُ [١] بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَطَّابِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَكِّيِّ أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ أَنَا عمي أنا معاوية بن [٢] صَالِحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ [٣] هِلَالٍ السُّلَمِيِّ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ:
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ مَكْتُوبٌ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُخْبِرُكُمْ بِأَوَّلِ أَمْرِي: أَنَا دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْنِي وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهَا مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ».
وَأَرَادَ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ هَذَا فَإِنَّهُ دَعَا أَنْ يَبْعَثَ فِي بَنِي إِسْمَاعِيلَ رَسُولًا مِنْهُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلُّ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا عَشَرَةً: نُوحٌ وَهُودٌ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَلُوطٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ صلوات الله عليهم أجمعين. يَتْلُوا: يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ آياتِكَ، كِتَابَكَ يَعْنِي: الْقُرْآنَ، وَالْآيَةُ مِنَ الْقُرْآنِ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ إِلَى انْقِطَاعِهِ، وَقِيلَ هِيَ جَمَاعَةُ حُرُوفٍ، يُقَالُ خَرَجَ الْقَوْمُ بِآيَتِهِمْ، أَيْ:
بِجَمَاعَتِهِمْ، وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ، يَعْنِي: الْقُرْآنَ، وَالْحِكْمَةَ، قَالَ مُجَاهِدٌ: فَهْمَ الْقُرْآنِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ:
مَوَاعِظَ الْقُرْآنِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْأَحْكَامِ. [و] [٤] قَالَ [ابْنُ] [٥] قُتَيْبَةَ: هِيَ الْعِلْمُ والعمل [به]، وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ حَكِيمًا حَتَّى يَجْمَعَهُمَا، وَقِيلَ: هِيَ السُّنَّةُ [٦]، وَقِيلَ: هي [الأحكام و] [٧] القضاء، وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ الْفِقْهُ، قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ: كُلُّ كَلِمَةٍ وَعَظَتْكَ أَوْ دَعَتْكَ إِلَى مَكْرُمَةٍ أَوْ نَهَتْكَ عَنْ قَبِيحٍ فَهِيَ حِكْمَةٌ، وَيُزَكِّيهِمْ، أَيْ: يُطَهِّرُهُمْ مِنَ الشِّرْكِ وَالذُّنُوبِ، وَقِيلَ: يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْ [٨] أَمْوَالِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ:
وهو في «شرح السنة» ٣٥٢٠ بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٤/ ١٢٧- ١٢٨) والبخاري في «التاريخ الكبير» (٦/ ٦٨) وابن حبان ٦٤٠٤ وابن أبي عاصم في «السنة» ٤٠٩ والبيهقي في «الدلائل» (١/ ٨٠ و٢/ ٣٠) من طرق عن سعيد بن سويد به، وقد صححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في «المجمع» (٨/ ٢٢٣) : رواه أحمد بأسانيد، وأحد أسانيده رجاله رجال الصحيح، غير سعيد بن سويد، وقد وثقه ابن حبان.
- وله شاهد من حديث أبي أمامة أخرجه الطيالسي ١١٤٠ وأحمد (٥/ ٢٦٢) وابن سعد (١/ ١٠٢) والطبراني ٧٧٢٩ والبيهقي في «الدلائل» (١/ ٨٤) وإسناده ضعيف لضعف فرج بن فضالة، والسياق لأحمد، وقال الهيثمي في «المجمع» (٨/ ٢٢٢) : إسناد أحمد حسن.
- وورد عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ نفر من الصحابة مرفوعا أخرجه الحاكم (٢/ ٦٠٠) والطبري ٢٠٧٥ والبيهقي في «الدلائل» (١/ ٨٣) وإسناده قوي كما قال الحافظ ابن كثير في «البداية» (٢/ ٢٧٥) وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وهو حديث حسن في أقل تقدير بل هو صحيح، والله أعلم، وانظر «الكشاف» ٥٥ للزمخشري بتخريجي.
(١) في الأصل «أحمد» والتصويب عن «شرح السنة» و «ط» و «كتب التراجم».
(٢) وقع في الأصل «عن» والمثبت هو الصواب.
(٣) وقع في الأصل «عن» والمثبت هو الصواب.
٤ ما بين المعقوفتين زيادة عن المخطوط.
٥ ما بين المعقوفتين زيادة عن المخطوط.
(٦) زيد في المطبوع وحده عقب السنة «والأحكام».
(٧) زيادة عن المخطوط وط.
(٨) العبارة في المخطوط «يأخذ زكاة أموالهم».