أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ يَعْقُوبَ يَوْمَ مَاتَ أَوْصَى بَنِيهِ بِالْيَهُودِيَّةِ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ الْخِطَابُ لِلْيَهُودِ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لِمَا دَخَلَ يَعْقُوبُ مِصْرَ رَآهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ وَالنِّيرَانَ، فَجَمَعَ وَلَدَهُ وَخَافَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: إِذْ قالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي؟ قَالَ عَطَاءٌ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقْبِضْ نَبِيًّا حَتَّى يُخَيِّرَهُ [١] بَيْنَ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، فَلَمَّا خَيَّرَ يعقوب قال: يا ربّ أَنْظِرْنِي حَتَّى أَسْأَلَ وَلَدِي وَأُوصِيَهُمْ، فَفَعَلَ [اللَّهُ] [٢] ذَلِكَ بِهِ، فَجَمَعَ وَلَدَهُ وَوَلَدَ وَلَدِهِ وَقَالَ لَهُمْ: قَدْ حَضَرَ أَجَلِي فَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي؟ قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ، وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ عَمًّا لَهُمْ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْعَمَّ أَبًا كَمَا تُسَمِّي الخالة أما.
ع «٩٠» قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ».
ع «٩١» وَقَالَ فِي عَمِّهِ الْعَبَّاسِ: «رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ تَفْعَلَ بِهِ قُرَيْشٌ مَا فَعَلَتْ ثَقِيفٌ بِعُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ»، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ. إِلهاً واحِداً نَصْبٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ قَوْلِهِ: إِلهَكَ، وقيل: نعبد [٣] إِلَهًا وَاحِدًا، وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٣٤ الى ١٣٥]
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤) وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥)
تِلْكَ أُمَّةٌ: جَمَاعَةٌ، قَدْ خَلَتْ: مَضَتْ، لَها مَا كَسَبَتْ: مِنَ العمل، وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ [من القول والعمل]]
وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ، يَعْنِي: يُسْأَلُ كُلٌّ عَنْ عَمَلِهِ لَا عَنْ عَمَلِ غَيْرِهِ.
وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي رُؤَسَاءِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ: كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَمَالِكِ بْنِ الصَّيْفِ وَوَهْبِ بْنِ يَهُودَا وَأَبِي يَاسِرِ بْنِ أَخْطَبَ، وَفِي نصارى نَجْرَانَ السَّيِّدِ وَالْعَاقِبِ وَأَصْحَابِهِمَا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ خَاصَمُوا الْمُسْلِمِينَ فِي الدِّينِ كُلُّ فِرْقَةٍ تَزْعُمُ أَنَّهَا أَحَقُّ بِدِينِ اللَّهِ، فَقَالَتِ الْيَهُودُ:
نَبِيُّنَا مُوسَى أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ وَكِتَابُنَا التَّوْرَاةُ أَفْضَلُ الْكُتُبِ، وَدِينُنَا أَفْضَلُ الْأَدْيَانِ، وَكَفَرَتْ بِعِيسَى وَالْإِنْجِيلِ وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنِ، وَقَالَتِ النصارى نبيّنا [عيسى] [٥] أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ وَكِتَابُنَا الْإِنْجِيلُ أَفْضَلُ الْكُتُبِ، وَدِينُنَا أَفْضَلُ الْأَدْيَانِ وَكَفَرَتْ [بموسى والتوراة و] [٦] بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنِ، وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ لِلْمُؤْمِنِينَ كُونُوا عَلَى دِينِنَا فَلَا دِينَ إِلَّا ذَلِكَ، فَقَالَ تَعَالَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ، بَلْ نَتَّبِعُ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ نَصْبٌ عَلَى الْإِغْرَاءِ كَأَنَّهُ يَقُولُ: اتَّبَعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ بَلْ نكون

٩٠- ع صحيح. هو بعض حديث أخرجه البخاري ١٤٦٨ ومسلم ٩٨٣ وأبو داود ١٦٢٣ والنسائي (٥/ ٣٣) وابن حبان ٣٢٧٣ والدارقطني (٢/ ١٢٣) والبغوي ١٥٧٨ والبيهقي (٦/ ١٦٤- ١٦٥) عن أبي هريرة قال: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم عمر على الصدقة، فقيل: ما منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ينقم ابن جميل... » فذكره.
٩١- ع مرسل. أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٨/ ٤٠/ ٣٤) ح ٤ عن عكرمة مرسلا، ورجال الإسناد ثقات، وتمامه «دعاهم إلى الله فقتلوه، أما والله لئن ركبوها لأضر منّها عليهم» فهذا مرسل، والمرسل من قسم الضعيف عند أهل الحديث.
(١) في المطبوع «خيره».
(٢) زيد في نسخ المطبوع.
(٣) في المطبوع «نعرفه».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) سقط من نسخ المطبوع. [.....]


الصفحة التالية
Icon