الرَّيَّانِيُّ [١] أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، أخبرنا مكي [٢] بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عبيد [٣] اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّهَا قَالَتْ:
سَمِعْتُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ اسم الله الأعظم: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)، واللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ» [البقرة: ٢٥٥].
[سورة البقرة (٢) : آية ١٦٤]
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤)
قَالَ أَبُو الضُّحَى: لِمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَقُولُ: إِنَّ إِلَهَكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، ذَكَرَ السَّمَاوَاتِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَالْأَرْضَ بِلَفْظِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ كُلَّ سماء مِنْ جِنْسٍ آخَرَ، وَالْأَرْضُونَ كُلُّهَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهُوَ التُّرَابُ، فَالْآيَةُ فِي السَّمَاوَاتِ: سُمْكُهَا وَارْتِفَاعُهَا مِنْ غَيْرِ عَمَدٍ وَلَا عِلَاقَةٍ، وما يرى فِيهَا مِنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ، وَالْآيَةُ فِي الْأَرْضِ: مَدُّهَا وَبَسْطُهَا وسعتها وما يرى فِيهَا مِنَ الْأَشْجَارِ وَالْأَنْهَارِ، وَالْجِبَالِ وَالْبِحَارِ وَالْجَوَاهِرِ وَالنَّبَاتِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ، أَيْ: تَعَاقُبُهُمَا فِي الذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ يَخْلُفُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، إِذَا ذَهَبَ أَحَدُهُمَا جَاءَ الْآخَرُ [خَلْفَهُ] [٤]، أَيْ: بَعْدَهُ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً [الْفُرْقَانِ: ٦٢]، قَالَ عَطَاءٌ:
أَرَادَ اخْتِلَافَهُمَا فِي النُّورِ وَالظُّلْمَةِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَاللَّيْلُ جَمْعُ لَيْلَةٍ، وَاللَّيَالِي جَمْعُ الْجَمْعِ، وَالنَّهَارُ جمع نُهُرٌ، وَقَدَّمَ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ فِي الذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَقْدَمُ مِنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ [يس: ٣٧]، وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ، يَعْنِي: السُّفُنَ وَاحِدُهُ وَجَمْعُهُ سَوَاءٌ، فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْجَمْعُ يُؤَنَّثُ، وَفِي الْوَاحِدِ يُذَكَّرُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْوَاحِدِ وَالتَّذْكِيرِ: إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠)
[الصَّافَّاتِ: ١٤٠]، وَقَالَ فِي الْجَمْعِ وَالتَّأْنِيثِ: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ [يُونُسَ: ٢٢]، وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ الْآيَةُ في الفلك: تسخيرها وجريها عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، وَهِي مُوقَرَةٌ لَا تَرْسُبُ تَحْتَ الْمَاءِ، بِما يَنْفَعُ النَّاسَ، يَعْنِي: رُكُوبَهَا وَالْحَمْلَ عَلَيْهَا فِي التِّجَارَاتِ وَالْمَكَاسِبِ وَأَنْوَاعِ الْمُطَالِبِ، وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ، يَعْنِي: الْمَطَرَ، قِيلَ: أَرَادَ بِالسَّمَاءِ السَّحَابَ، يَخْلُقُ اللَّهُ الْمَاءَ فِي السَّحَابِ ثُمَّ من السحاب

- وهو في «شرح السنة» ١٢٥٤.
- وأخرجه البيهقي في «الشعب» ٢٣٨٣ من طريق مكي بن إبراهيم وأبي عاصم بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود ١٤٩٦ والترمذي ٣٤٧٨ وابن ماجه ٣٨٥٥ وأحمد (٦/ ٤٦١) والدارمي (٢/ ٤٥٠) من طريق عبيد اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ شهر بن حوشب به وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح اهـ. وحسّن إسناده الأرناؤوط في «جامع الأصول» (٤/ ١٧٢) والألباني في «صحيح أبي داود» ١٣٢٧. [.....]
(١) وقع في الأصل «الزياتي» والتصويب عن «شرح السنة» وكتاب «الأنساب» للسمعاني.
(٢) وقع في الأصل «بكر» والتصويب عن «شرح السنة» و «شعب الإيمان».
(٣) وقع في الأصل «عبد» والتصويب من كتب التراجم وكتب التخريج.
(٤) زيادة عن المخطوط.


الصفحة التالية
Icon