ع «١٢٩»، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقَامُ الْحُدُودُ في المساجد ولا يقاد الوالد بالولد [١] ».
وَذَهَبَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ إلى أن المسلم يقتل بالكافر الذمي، وَإِلَى أَنَّ الْحُرَّ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِمَنْ لَمْ يُوجِبِ الْقِصَاصَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِقَتْلِ الذِّمِّيِّ، وَتُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ، رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] قَتَلَ سَبْعَةً أَوْ خَمْسَةً بِرَجُلٍ قَتَلُوهُ غِيلَةً، وَقَالَ:
لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ جَمِيعًا [٢]، وَيَجْرِي الْقِصَاصُ فِي الْأَطْرَافِ كَمَا يَجْرِي فِي النُّفُوسِ، إِلَّا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الصحيح السّويّ يقتل بالمريض والزّمن، وَفِي الْأَطْرَافِ لَوْ قَطَعَ يَدًا شلاء أو ناقصة

١٢٩- ع حسن بشواهده. أخرجه الترمذي ١٠٤١ وابن ماجه ٢٦٦١ والدارمي ٢٢٦٨ والدارقطني (٣/ ١٤١) وأبو نعيم (٤/ ١٨) والبيهقي (٨/ ٣٩) وابن الجوزي في «التحقيق» ١٧٦٥ والجصاص في «أحكامه» (١/ ١٧٨- ١٧٩) والطبراني ١٠٨٤٦ من طريق إسماعيل بن مسلم عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ طاوس عن ابن عباس مرفوعا بأتم منه.
وإسناده ضعيف، لضعف إسماعيل بن مسلم، وبه أعله الترمذي، ونقل الزيلعي في «نصب الراية» (٤/ ٣٤٠) عن ابن القطان، قوله: إسماعيل بن مسلم ضعيف. قال الزيلعي: تابعه قتادة وسعيد بن بشير وعبيد الله بن الحسن العنبري، فحديث قتادة أخرجه البزار في «مسنده» عنه عن عمرو بن دينار به.
- قلت: ومتابعة سعيد بن بشير عند الحاكم (٤/ ٣٦٩).
وسكت عليه الحاكم، وكذا الذهبي، وسعيد ضعيف، ومتابعة عبيد الله بن الحسن العنبري عند الدارقطني (٣/ ١٤٢) والبيهقي (٨/ ٣٩) وهو معلول، فيه أبو حفص التمار، وهو ضعيف جدا.
فحديث ابن عباس بطرقه يبقى ضعيفا لشدة وهن هذه الطرق.
- وله شاهد من حديث عمر أخرجه الترمذي ١٤٠٠ وابن ماجه ٢٦٦٢ وأحمد (١/ ٤٩) والدارقطني (٣/ ١٤٠) وابن أبي عاصم في «الديات» (ص ٩٧) وابن الجوزي في «التحقيق» ١٧٦٣ وإسناده ضعيف فيه الحجاج مدلس، وقد عنعن، ولم ينفرد به فقد تابعه ابن لهيعة على عمرو عند أحمد (١/ ٢٢) لكن في سماع ابن لهيعة من عمرو بن شعيب ريب، ونفاه أبو حاتم في «المراسيل» ١١٤ وتابعهما محمد بن عجلان، عند ابن الجارود ٧٨٨ والدارقطني (٣/ ١٤٠- ١٤١) والبيهقي (٨/ ٣٨- ٣٩) وفي «المعرفة» ٤٨٣٠ كلهم عن محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب به، وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، وقال البيهقي في «المعرفة» : هذا إسناد صحيح ووافقه الحافظ في «تلخيص الحبير» (٤/ ١٦).
- وله طريق آخر فقد أخرجه الجصاص في «أحكام القرآن» (١/ ١٧٨) من طريق عبد الله بن سنان عن إبراهيم بن رستم عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب عن عمر به مرفوعا، وفيه إبراهيم بن رستم وهو صدوق حسن الحديث، وفيه إرسال بين ابن المسيب وعمر.
- وورد من وجه آخر أخرجه البيهقي في «السنن» (٨/ ٣٩) وعلقه في «المعرفة» (٦/ ١٦١) عن الحكم بن عتيبة عن رجل يقال له عرفجة عن عمر مرفوعا، وإسناده ضعيف لجهالة عرفجة هذا، لكن هذه الطرق تتقوى بمجموعها.
- وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه ابن الجوزي في «التحقيق» ١٧٦٢ من طريق ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإسناده ضعيف لأجل ابن لهيعة، وضعفه ابن الجوزي به، وتابعه يحيى بن أبي أنيسة عند الدارقطني (٣/ ١٤١) لكن يحيى هذا متروك الحديث.. وانظر مزيد الكلام عليه في «أحكام القرآن» ٧١ لابن العربي بتخريجي.
(١) موقوف صحيح. أخرجه مالك (٢/ ٨٧١) والدارقطني (٢/ ٢٠٢) والبيهقي (٨/ ٤١) عن سعيد بن المسيب «أن عمر قتل خمسة، أو سبعة... » فذكره وسنده صحيح. وهو في موطأ محمد برقم ٦٧١.
- ورواه البخاري ٦٨٩٦ «أن غلاما قتل غيلة فقال عمر: لو اشترك... » الأثر.
ثم علقه بقوله، وقال مغيرة بن حكيم عن أبيه: «إن أربعة قتلوا صبيا فقال عمر:... » مثله.
(٢) في المطبوع «بالولد الوالد».


الصفحة التالية
Icon