- وقال عند الآية قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً [البقرة: ٦٧].
قرأ حمزة «هزوا وكفؤا» بالتخفيف، وقرأ الآخرون بالتثقيل، ويترك الهمزة حفص.
- قوله: بالتثقيل: أي بالضم بدل السكون على الحرف قبل الأخير.
- وقال عند الآية وَأَرِنا مَناسِكَنا....
قرأ ابن كثير «أرنا» سَاكِنَةَ الرَّاءِ، وَأَبُو عَمْرٍو بِالِاخْتِلَاسِ، وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا، وَوَافَقَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْإِسْكَانِ فِي «حم السَّجْدَةِ» وَأَصْلُهُ: أَرْئِنَا- فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ طَلَبًا لِلْخِفَّةِ، وَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إلى الراء.
- وقال عند الآية فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ... قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ «إِنَّ اللَّهَ» بِكَسْرِ الْأَلِفِ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ تَقْدِيرُهُ: فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ فَقَالَتْ: إن الله، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْفَتْحِ بِإِيقَاعِ النِّدَاءِ عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ قَالَ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِأَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ، قَرَأَ حَمْزَةُ «يبشرك» وبابه التخفيف كُلَّ الْقُرْآنِ إِلَّا قَوْلَهُ: «فَبِمَ تبشرون» فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى تَشْدِيدِهَا، وَوَافَقَهُ الكسائي هاهنا في الموضعين...
- وقال عند الآية... يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ [آل عمران: ٧٥] قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ وحمزة «يؤده-، لا يؤده» سَاكِنَةَ الْهَاءِ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَالُونُ وَيَعْقُوبُ بِالِاخْتِلَاسِ كَسْرًا، وَالْبَاقُونَ بالإشباع كسرا...
- الإمام البغوي وعقيدته:
- إن الصورة التي تركها الإمام من خلال هذا التفسير هي أنه إمام عالم من أئمة أهل السنة، لكن اضطرب قوله في بحث الصفات، فتارة سلك من مسلك السلف وهو عدم التأويل، وتارة سلك الخلف، وهو التأويل.
- أما ما سلك فيه مسلك السلف فهو قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف: ٥٤] فقال رحمه الله: وأوّلت المعتزلة الاستواء بالاستيلاء، فأما أهل السنة يقولون: الِاسْتِوَاءُ عَلَى الْعَرْشِ صِفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِلَا كَيْفٍ، يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ الْإِيمَانُ بِهِ، وَيَكِلُ الْعِلْمَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَسَأَلَ رَجُلٌ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ قَوْلِهِ الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥) كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَأَطْرَقَ رَأْسَهُ مَلِيًّا وَعَلَاهُ الرُّحَضَاءُ ثُمَّ قَالَ:
الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَمَا أَظُنُّكَ إِلَّا ضَالًّا، ثم أمر فأخرج.
- وروي عن الثوري والأوزاعي والليث وابن عيينة وابن الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي جَاءَتْ في الصفات والمتشابهات: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا كَيْفٍ.
- وأما ما سلك فيه مسلك الخلق، وهو التأويل، فهو قوله تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ [القلم:
٤٢].
فقال رحمه الله: قيل: عن ساق: عن أمر فظيع شديد...
- وكذا عند قوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ [الفجر: ٢٢] فقال رحمه الله: جَاءَ أَمْرُهُ وَقَضَاؤُهُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: ينزل حكمه.
٧- الإمام البغوي المحقق المرجح:
إن الصورة التي تركها المؤلف من خلال هذا الكتاب هي أنه يذكر قولا واحدا، أو أقوالا متعددة في تفسير الآية أو بيان معناها من غير ترجيح مع اختلاف واضطراب تلك الأقوال، وربما رجح وصوب أحد الأقوال، وهو يسير.


الصفحة التالية
Icon