وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ لَا تَكُنْ أَعْجَزَ مِنْ هَذَا الدِّيكِ يصوّت بالأسحار، وأنت نائم على فراشك.
قَوْلُهُ تَعَالَى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ، قِيلَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي نَصَارَى نجران.
ع ٣٦»
قال الْكَلْبِيُّ: قَدِمَ حَبْرَانِ مِنْ أَحْبَارِ الشَّامِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَبْصَرَا الْمَدِينَةَ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْمَدِينَةَ بِصِفَةِ مَدِينَةِ النَّبِيِّ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، فلما دخلا عليه [ورأياه] [١] عرفاه بالصفة [التي رأياها له في كتبهم] [٢]، فَقَالَا لَهُ: أَنْتَ مُحَمَّدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَا لَهُ: وَأَنْتَ أَحْمَدُ؟ قَالَ: «أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ»، قَالَا لَهُ: فَإِنَّا نَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَإِنْ أَخْبَرْتَنَا بِهِ آمَنَّا بِكَ وصدقناك، فقال: اسألا [٣]، قالا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَعْظَمِ شَهَادَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، فَأَسْلَمَ الرَّجُلَانِ.
قَوْلُهُ: شَهِدَ اللَّهُ، أَيْ: بيّن الله، لأن الشهادة تبيين، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: حَكَمَ اللَّهُ، وَقِيلَ: عَلِمَ اللَّهُ، [وَقِيلَ: أَعْلَمَ اللَّهُ] [٤] أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَادِ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ سَنَةٍ، وَخَلَقَ الْأَرْزَاقَ قَبْلَ الْأَرْوَاحِ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ سَنَةٍ، فَشَهِدَ بِنَفْسِهِ [لِنَفْسِهِ] [٥] قَبْلَ أن يخلق الخلق حين كان ولم يكن سَمَاءٌ وَلَا أَرْضٌ وَلَا بَرٌّ وَلَا بَحْرٌ، فَقَالَ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ، وَقَوْلُهُ: وَالْمَلائِكَةُ، أَيْ: وَشَهِدَتِ الْمَلَائِكَةُ [٦]، قِيلَ: مَعْنَى شَهَادَةِ اللَّهِ: الْإِخْبَارُ وَالْإِعْلَامُ، وَمَعْنَى شَهَادَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْمُؤْمِنِينَ: الإقرار، وَأُولُوا الْعِلْمِ، يَعْنِي: الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: يَعْنِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: عُلَمَاءُ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ، عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سلام وأصحابه. وقال السُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ: [يَعْنِي] [٧] جَمِيعَ عُلَمَاءِ الْمُؤْمِنِينَ. قائِماً بِالْقِسْطِ، أَيْ: بِالْعَدْلِ، ونظم الْآيَةِ: شَهِدَ اللَّهُ قَائِمًا [بِالْقِسْطِ] [٨]، نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: نَصْبٌ عَلَى الْقَطْعِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: قائِماً بِالْقِسْطِ، أَيْ:
قَائِمًا بِتَدْبِيرِ الْخَلْقِ، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ قَائِمٌ بِأَمْرِ فُلَانٍ، أَيْ: مُدَبِّرٌ لَهُ وَمُتَعَهِّدٌ لشأنه [٩]، وفلان قائم بِحَقِّ فُلَانٍ أَيْ: مُجَازٍ لَهُ، فالله تعالى مدبر ورازق ومجاز بِالْأَعْمَالِ، لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
[سورة آل عمران (٣) : آية ١٩]
إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩)
إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ، يعني: الدين المرضي [لله] [١٠] الصحيح، كما قال: وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [الْمَائِدَةِ: ٣]، وَقَالَ: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آلِ عِمْرَانَ: ٨٥]، وَفَتَحَ الْكِسَائِيُّ الْأَلِفَ مِنْ إِنَّ الدِّينَ رَدًّا عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى، تَقْدِيرُهُ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَشَهِدَ أن الدين
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «نعم» والمثبت عن المخطوط وط. وفي «أسباب النزول» «سلاني».
(٤) زيادة عن نسخة- ط-.
(٥) زيادة عن المخطوط وط.
(٦) زيد في المخطوط «و».
(٧) ليس في المخطوط.
(٨) ليس في المخطوط.
(٩) في المطبوع «لأسبابه».
(١٠) زيادة عن المخطوط.