مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ.
وَأَمَّا الْمُحَرَّمَاتُ بِالصِّهْرِيَّةِ فَقَوْلُهُ: وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ، وَجُمْلَتُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَقَدَ النِّكَاحَ على امرأة فتحرم عَلَى النَّاكِحِ أُمَّهَاتُ الْمَنْكُوحَةِ وَجَدَّاتُهَا وَإِنْ عَلَوْنَ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَالنَّسَبِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ، الربائب جَمْعُ: رَبِيبَةٍ، وَهِيَ بِنْتُ الْمَرْأَةِ، سُمِّيَتْ رَبِيبَةٌ لِتَرْبِيَتِهِ إِيَّاهَا، وَقَوْلُهُ: فِي حُجُورِكُمْ أَيْ: فِي تَرْبِيَتِكُمْ، يُقَالُ: فَلَانٌ فِي حِجْرِ فُلَانٍ إِذَا كَانَ فِي تَرْبِيَتِهِ، دَخَلْتُمْ بِهِنَّ أَيْ: جَامَعْتُمُوهُنَّ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا بَنَاتُ الْمَنْكُوحَةِ وَبَنَاتُ أَوْلَادِهَا، وَإِنْ سَفَلْنَ مِنَ الرَّضَاعِ وَالنَّسَبِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِالْمَنْكُوحَةِ، حَتَّى لَوْ فَارَقَ الْمَنْكُوحَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ مَاتَتْ جَازَ لَهُ أَنْ ينكح ابنتها، وَلَا يَجُوزَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُمَّهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ تَحْرِيمَ الْأُمَّهَاتِ وَقَالَ فِي تَحْرِيمِ الرَّبَائِبِ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ، يَعْنِي: فِي نِكَاحِ بَنَاتِهِنَّ إِذَا فَارَقْتُمُوهُنَّ أَوْ مِتْنَ.
وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمُّ الْمَرْأَةِ لَا تُحَرَّمُ إِلَّا بِالدُّخُولِ بِالْبِنْتِ كَالرَّبِيبَةِ، وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ، يَعْنِي: أَزْوَاجَ أَبْنَائِكُمْ، وَاحِدَتُهَا: حَلِيلَةٌ، وَالذَّكَرُ حَلِيلٌ، سُمِّيَا بِذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَلَالٌ لِصَاحِبِهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَا بِذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحِلُّ حَيْثُ يَحِلُّ صَاحِبُهُ مِنَ الْحُلُولِ وَهُوَ النُّزُولُ، وقيل: لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحِلُّ إِزَارَ صَاحِبِهِ مِنَ الْحَلِّ وَهُوَ ضِدُّ الْعَقْلِ، وَجُمْلَتُهُ: أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حَلَائِلُ أَبْنَائِهِ وَأَبْنَاءِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا مِنَ الرِّضَاعِ وَالنَّسَبِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا قَالَ: مِنْ أَصْلابِكُمْ لِيُعْلِمَ أَنَّ حَلِيلَةَ الْمُتَبَنَّى لَا تَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ الَّذِي تَبَنَّاهُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ [١]، وَكَانَ زَيْدٌ قد تَبَنَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالرَّابِعُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ بِالصِّهْرِيَّةِ حَلِيلَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِنْ عَلَا، فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ مِنَ الرِّضَاعِ أَوْ مِنَ النَّسَبِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ [النِّسَاءِ: ٢٢]، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْكَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ تَحْرُمُ بِالْوَطْءِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ، وَالْوَطْءُ بِشُبْهَةِ النِّكَاحِ حَتَّى لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً بِالشُّبْهَةِ أَوْ جَارِيَةً بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَتَحْرُمُ عَلَى الْوَاطِئِ أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ وَابْنَتُهَا وَتَحْرُمُ الْمَوْطُوءَةُ عَلَى أَبِ الْوَاطِئِ وَعَلَى ابْنِهِ.
وَلَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ فيه أهل العلم فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ عَلَى الزَّانِي أُمُّ الْمَزْنِي بها وابنتها، ولا تحرم الزَّانِيَةُ عَلَى أَبِ الزَّانِي وَابْنِهِ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ [٢] وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَبِهِ قَالَ سعيد بن المسيب وعروة [بن الزبير] وَالزُّهْرِيُّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيٌّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى التَّحْرِيمِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَبِهِ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالْحَسَنُ وَهُوَ قول أصحاب الرأي. ولو مسّ امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ أَوْ قَبَّلَهَا فَهَلْ يُجْعَلُ ذَلِكَ كَالدُّخُولِ فِي إِثْبَاتِ حرمة المصاهرة وكذلك لو مسّ امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ فَهَلْ يُجْعَلُ كَالْوَطْءِ فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ، وَالثَّانِي: لَا تَثْبُتُ كَمَا لَا تَثْبُتُ بِالنَّظَرِ بِالشَّهْوَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي النِّكَاحِ سَوَاءٌ كَانَتِ الْأُخُوَّةُ بَيْنَهُمَا بِالنَّسَبِ أَوْ بِالرِّضَاعِ، فَإِذَا نَكَحَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا جَازَ لَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكَ أُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ، فَإِذَا وَطِئَ إِحْدَاهُمَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْءُ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى
(٢) زيد في المطبوع «وابن مسعود».