«٣٧» أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِبْرَاهِيمُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الشاه، ثنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشِ بْنِ سُلَيْمَانَ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ عن جرير الرازي، عَنْ سُهَيْلِ [١] بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ».
[وَقِيلَ] [٢] الْإِيمَانُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْأَمَانِ فَسُمِّيَ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنًا لِأَنَّهُ يُؤَمِّنُ نَفْسَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُؤْمِنٌ لِأَنَّهُ يُؤَمِّنُ الْعِبَادَ مِنْ عَذَابِهِ.
بِالْغَيْبِ، وَالْغَيْبُ: مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الِاسْمِ، فَقِيلَ لِلْغَائِبِ: غَيْبٌ، كَمَا قِيلَ لِلْعَادِلِ:
عَدْلٌ، وَلِلزَّائِرِ: زَوْرٌ، وَالْغَيْبُ مَا كَانَ مَغِيبًا عَنِ [٣] الْعُيُونِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْغَيْبُ هَاهُنَا كُلُّ مَا أُمِرْتَ بِالْإِيمَانِ بِهِ فِيمَا غَابَ عَنْ بَصَرِكَ من الْمَلَائِكَةِ وَالْبَعْثِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ.
وَقِيلَ: الْغَيْبُ هَاهُنَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقِيلَ: الْقُرْآنُ. وَقَالَ الحسن: الآخرة. وَقَالَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ وَابْنُ جريج: الوحي، نَظِيرُهُ: أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ [النَّجْمِ: ٣٥]، وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: بِالْقَدَرِ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَذَكَرْنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم وما سبقوا بِهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ كَانَ بَيِّنًا [٤] لِمَنْ رَآهُ وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا آمَنَ أَحَدٌ قَطُّ إِيمَانًا أَفْضَلَ مِنْ إِيمَانٍ بِغَيْبٍ، ثُمَّ قَرَأَ: الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ، إِلَى قوله: الْمُفْلِحُونَ [البقرة: ١- ٥]، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَوَرْشٌ: يُؤْمِنُونَ، بِتَرْكِ الْهَمْزَةِ، وَكَذَلِكَ يترك أبو جعفر كُلِّ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ إِلَّا فِي أَنْبِئْهُمْ [البقرة: ٣٣]، ويُنَبِّئُهُمُ [المائدة: ١٤]، ونَبِّئْنا [يوسف: ٣٦]، وَيَتْرُكُ أَبُو عَمْرٍو كُلَّهَا إِلَّا أن يكون علامة للجزم نحو نَبِّئْهُمْ [القمر: ٢٨]، وأَنْبِئْهُمْ [البقرة: ٣٣]، وتَسُؤْهُمْ [آل عمران: ١٢٠]، وتَسُؤْكُمْ [المائدة: ١٠١]، وإِنْ نَشَأْ [الشعراء: ٤]، ونُنْسِها [البقرة: ١٠٦]، ونحوها أو يكون خروجها مِنْ لُغَةٍ إِلَى أُخْرَى نَحْوَ: مُؤْصَدَةٌ [البلد: ٢٠]، ووَ رِءْياً [مريم: ٧٤]، وَيَتْرُكُ وَرْشٌ كُلَّ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ كانت قبل فاء الفعل، إلا: تُؤْوِي [٥] [الأحزاب: ٥١] وتُؤْوِيهِ [٦] [المعارج: ١٣]، وَلَا يَتْرُكُ مِنْ عَيْنِ الْفِعْلِ إلا: الرُّؤْيَا [الإسراء: ٦٠]، وَبَابَهُ إِلَّا مَا كَانَ عَلَى وزن فعلي [٧].
قوله: وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ، أَيْ: يُدِيمُونَهَا وَيُحَافِظُونَ عَلَيْهَا فِي مَوَاقِيتِهَا بِحُدُودِهَا وَأَرْكَانِهَا وَهَيْئَاتِهَا، يُقَالُ: قَامَ بِالْأَمْرِ وَأَقَامَ الأمر إذا أتى به معطيا حقوقه، أو المراد بِهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، ذُكِرَ بِلَفْظِ

٣٧- صحيح. خلف ثقة، وقد توبع ومن دونه، ومن فوقه رجال مسلم جرير الرازي هو ابن عبد الحميد.
وهو في «شرح السنة» (١٧) بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم ٣٥ وأبو داود ٤٦٧٦ والترمذي ٢٦١٤ والنسائي ٨/ ١١٠ وابن ماجه ٥٧ والبخاري في «الأدب المفرد» (٥٩٨) وأحمد ٢/ ٣٧٩ و٤١٤ والطيالسي ٢٤٠٢ وابن حبان ١٦٦ و١٩١ وابن مندة في «الإيمان» (١٤٧) و١٧٠ و١٧١ وابن أبي شيبة ١١/ ٤٠ والبغوي ١٧ والآجري في «الشريعة» (١١٠) من طرق كلهم من حديث أبي هريرة وفي رواية لمسلم وغيره «الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة... ».
(١) في الأصل «سهل» والتصويب عن «شرح السنة» و «كتب التراجم».
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع «من».
(٤) في المطبوع «بيننا».
(٥) في المخطوط «يؤتي».
(٦) في المخطوط «تؤتيه».
(٧) في المطبوع «فعل».


الصفحة التالية
Icon