الجوارح الكواسب مِنْ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ كَالْفَهْدِ وَالنَّمِرِ وَالْكَلْبِ وَمِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ كَالْبَازِي وَالْعُقَابِ وَالصَّقْرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ، فَيَحِلُّ صَيْدُ جَمِيعِهَا، سُمِّيَتْ جارحة: لجرحها أربابها أَقْوَاتَهُمْ مِنَ الصَّيْدِ، أَيْ:
كَسْبِهَا، يُقَالُ: فُلَانٌ جَارِحَةُ أَهْلِهِ، أَيْ: كاسبهم، مُكَلِّبِينَ، المكلّب [هو] [١] الَّذِي يُغْرِي الْكِلَابَ عَلَى الصَّيْدِ، وَيُقَالُ لِلَّذِي يُعَلِّمُهَا أَيْضًا: مُكَلِّبٌ، وَالْكَلَّابُ: صَاحِبُ الْكِلَابِ، وَيُقَالُ لِلصَّائِدِ بِهَا أَيْضًا كَلَّابٌ، وَنَصَبَ مُكَلِّبِينِ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: فِي حَالِ تكليبكم هذه الجوارح أي إغرائكم إِيَّاهَا عَلَى الصَّيْدِ، وَذَكَرَ الْكِلَابَ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ وَأَعَمُّ، وَالْمُرَادُ جَمِيعُ جَوَارِحِ الصَّيْدِ، تُعَلِّمُونَهُنَّ، تُؤَدِّبُونَهُنَّ آدَابَ أَخْذِ الصَّيْدِ، مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ، أَيْ: مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي عَلَّمَكُمُ اللَّهُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَيْ: كَمَا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ، (مِنْ) بِمَعْنَى الْكَافِ، فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، أَرَادَ أَنَّ الْجَارِحَةَ الْمُعَلَّمَةَ إِذَا خَرَجَتْ بِإِرْسَالِ صَاحِبِهَا فَأَخَذَتِ الصَّيْدَ وَقَتَلَتْهُ كَانَ حَلَالًا، وَالتَّعْلِيمُ هُوَ أَنْ يُوجَدَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: إِذَا أُشْلِيَتِ اسْتَشْلَتْ، وَإِذَا زُجِرَتِ انْزَجَرَتْ، وَإِذَا أَخَذَتِ الصَّيْدَ أَمْسَكَتْ وَلَمْ تَأْكُلْ، وَإِذَا وُجِدَ ذَلِكَ منه مرارا وأقلها ثَلَاثُ مَرَّاتٍ كَانَتْ مُعَلَّمَةً، يَحِلُّ قَتْلُهَا [٢] إِذَا خَرَجَتْ بِإِرْسَالِ صَاحِبِهَا.
«٧٥٣» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا ثابت بن يزيد [٣] عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ:
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَسَمَّيْتَ فَأَمْسَكَ وَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا خَالَطَ كِلَابًا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهَا فَأَمْسَكْنَ وَقَتَلْنَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّهَا قَتَلَ، وَإِذَا رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَوَجَدْتَهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَيْسَ بِهِ إِلَّا أَثَرُ سَهْمِكَ فَكُلْ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلْ».
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا أَخَذَتِ الصَّيْدَ وَأَكَلَتْ مِنْهُ شَيْئًا، فَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلى تحريمه، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالشَّعْبِيِّ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَهُوَ أَصَحُّ قَوْلَيِ الشافعي.

٧٥٣- إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم، عاصم هو الأحول واسم أبيه سليمان، الشعبي هو عامر بن شراحيل.
وهو في «شرح السنة» ٢٧٦٢ بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح البخاري» ٥٤٨٤ عن موسى بن إسماعيل بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم ١٩٢٩ ح ٦ و٧ وأبو داود ٢٨٤٩ و٢٨٥٠ والترمذي ١٤٦٩ والنسائي (٧/ ١٧٩، ١٨٠ و١٨٢ و١٨٣ و١٨٤) وابن ماجه ٣٢١٣ وعبد الرزاق ٨٥٠٢ وأحمد (٤/ ٢٥٧ و٣٧٩ و٣٨٠) والدارقطني (٤/ ٢٩٤) وابن حبان ٥٨٨٠ وابن الجارود ٩٢٠ والطبراني (١٧/ ١٥٤، ١٥٧) والبيهقي (٩/ ٢٣٦ و٢٣٨ و٢٣٩ و٢٤٣ و٢٤٤ و٢٤٨) من طرق عن عاصم بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ١٧٥ و٢٠٥٤ و٥٤٧٥ و٥٤٧٦ و٥٤٨٣ و٥٤٨٧ ومسلم ١٩٢٩ ح ٢ و٣ و٤ و٥ وأبو داود ٢٨٤٨ و٢٨٥١ والترمذي ١٤٦٧، و١٤٧٠ والنسائي (٧/ ١٨٠ و١٨٢ و١٨٣) وابن ماجه ٣٢٠٨ و٣٢١٢ و٣٢١٤ والطيالسي ١٠٣٠ وعبد الرزاق ٨٥٣١ والحميدي ٩١٤ و٩١٥ و٩١٧ وأحمد (٤/ ٢٥٦ و٢٥٧ و٣٥٨ و٣٧٧ و٣٧٩ و٣٨٠) والدارمي (٢/ ٨٩) وابن الجارود ٩١٥ و٩١٨ والطبراني (١٧/ ١٤١، ١٥٣ و١٥٩ و١٦٨) والبيهقي (٩/ ٢٣٥ و٢٣٦ و٢٣٨ و٢٤٢ و٢٤٤) من طرق عن عامر الشعبي به.
(١) زيادة عن المخطوط وط.
(٢) في المخطوط وحده «قتيلها».
(٣) وقع في الأصل «زيد» والتصويب من «شرح السنة» ومصادر التخريج.


الصفحة التالية
Icon