«٩١٧» وَرُوِيَ عَنْ أَبِيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ آدَمُ رَجُلًا طِوَالًا كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ سُحُوقٌ كَثِيرُ شَعْرِ الرَّأْسِ، فَلَمَّا وَقَعَ فِي الْخَطِيئَةِ بَدَتْ لَهُ سَوْأَتُهُ، وَكَانَ لَا يَرَاهَا فَانْطَلَقَ هَارِبًا فِي الْجَنَّةِ، فَعَرَضَتْ لَهُ شَجَرَةٌ مِنْ شَجَرِ الْجَنَّةِ فَحَبَسَتْهُ بِشَعْرِهِ، فَقَالَ لَهَا: أَرْسِلِينِي، قَالَتْ: لَسْتُ بِمُرْسِلَتِكَ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا آدَمُ أَمِنِّي تَفِرُّ؟ قَالَ: لَا يَا رَبِّ وَلَكِنِ اسْتَحْيَيْتُكَ».
وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ، يَعْنِي: عن الْأَكْلَ مِنْهَا، وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ، أَيْ: بَيِّنُ الْعَدَاوَةِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ: نَادَاهُ رَبُّهُ يَا آدَمُ [لم] [١]
أَكَلْتَ مِنْهَا وَقَدْ نَهَيْتُكَ؟ قَالَ:
يا رَبِّ أَطْعَمَتْنِي حَوَّاءُ، قَالَ لِحَوَّاءَ: لِمَ أَطْعَمْتِيهِ؟ قَالَتْ: أَمَرَتْنِي الْحَيَّةُ، قَالَ: لِلْحَيَّةِ لِمَ أَمَرْتِيهَا؟ قَالَتْ:
أمرني إبليس، فقال الله: أَمَّا أَنْتِ يَا حَوَّاءُ فَكَمَا أَدْمَيْتِ الشَّجَرَةَ فَتَدْمِينَ كُلَّ شَهْرٍ، وَأَمَّا أَنْتِ يَا حَيَّةُ فَأَقْطَعُ قَوَائِمَكِ فَتَمْشِينَ عَلَى بَطْنِكِ وَوَجْهِكِ، وَسَيَشْدَخُ رَأْسَكِ مَنْ لَقِيَكِ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِبْلِيسُ فَمَلْعُونٌ مَدْحُورٌ [٢].
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٢٣ الى ٢٦]
قَالَا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣) قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٢٤) قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ (٢٥) يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٢٦)
قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا، ضررناها بالمعصية، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ، الهالكين.
قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ.
قالَ فِيها تَحْيَوْنَ، يَعْنِي: فِي الْأَرْضِ تَعِيشُونَ، وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ، أَيْ: مِنَ الْأَرْضِ تُخْرَجُونَ مِنْ قُبُورِكُمْ لِلْبَعْثِ، قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: تُخْرَجُونَ بِفَتْحِ التَّاءِ هَاهُنَا وَفِي الزُّخْرُفِ، وَافَقَ يَعْقُوبُ هَاهُنَا وَزَادَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ فِي أَوَّلِ الرُّومِ، وَالْبَاقُونَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ فِيهِنَّ.
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ، أَيْ: خَلَقْنَا لَكُمْ لِباساً، وَقِيلَ: إِنَّمَا قال: أَنْزَلْنا لأنّ اللباس يَكُونُ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، وَالنَّبَاتُ يَكُونُ بِمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَنْزَلْنا أَيْ: أَنْزَلْنَا أَسْبَابَهُ.
وَقِيلَ: كُلُّ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ منسوبة إلى السَّمَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ [الْحَدِيدِ: ٢٥]، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ الْحَدِيدُ مِنَ الْأَرْضِ. وَسَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَطُوفُونَ بالبيت عراة يقولون:
لَا نَطُوفُ فِي ثِيَابٍ عَصَيْنَا اللَّهَ فِيهَا، فَكَانَ الرِّجَالُ يَطُوفُونَ بالنهار والنساء بالليل عراة. قال قَتَادَةُ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ وَتَضَعُ يدها على فرجها وتقول:
وأخرجه الطبري ١٤٤٠٣ وابن أبي حاتم كما في «تفسير ابن كثير» (١/ ٨٣) والأصبهاني في «الترغيب» ٧٤٨ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أبي بن كعب به، وهذا إسناد منقطع الحسن لم يلق أبي بن كعب.
(١) زيادة عن المخطوط والطبري (٤/ ١١٤).
(٢) هذا الأثر متلقى عن كتب الأقدمين.