هَذَيْنِ الِاسْتِثْنَاءَيْنِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الِاسْتِثْنَاءُ فِي أَهْلِ الشَّقَاءِ يَرْجِعُ إِلَى قوم من الموحّدين [١] يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ النَّارَ بِذُنُوبٍ اقْتَرَفُوهَا، ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءً مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، لِأَنَّ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ سُعَدَاءَ ثم اسْتَثْنَاهُمُ اللَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَشْقِيَاءِ، وَهَذَا كَمَا:
«١١٦٥» أَخْبَرْنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ [الْمُلَيْحِيُّ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ] [٢] بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بن إسماعيل ثنا حفص بن عمر ثنا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ:
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيُصِيبَنَّ أَقْوَامًا سَفْعٌ مِنَ النَّارِ بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا، عُقُوبَةً ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ [٣] اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، فَيُقَالُ لَهُمُ الْجَهَنَّمِيُّونَ».
«١١٦٦» وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ قال: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا مُسَدَّدٌ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ أَنْبَأَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [قَالَ] [٤] :«يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَيُسَمَّوْنَ الْجَهَنَّمِيِّينَ».
وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ فِي أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيَرْجِعُ إِلَى مُدَّةِ لُبْثِهِمْ فِي النَّارِ قبل دخول الجنّة. وقيل: إلى مَا شَاءَ رَبُّكَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ تَعْمِيرِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَاحْتِبَاسِهِمْ فِي الْبَرْزَخِ مَا بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْبَعْثِ، قَبْلَ مَصِيرِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ، يَعْنِي: هُمْ خَالِدُونَ في الجنّة أو النار إلى [٥] هذا المقدار. وقيل: معنى إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ [أي] سِوَى مَا شَاءَ رَبُّكَ، مَعْنَاهُ: خالدين فيها ما دامت السموات والأرض سِوَى مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ مُدَّةِ بَقَاءِ السموات وَالْأَرْضِ، وَذَلِكَ هُوَ الْخُلُودُ فِيهَا، وكما تَقُولُ: لِفُلَانٍ عَلِيَّ أَلْفٌ إِلَّا الْأَلْفَيْنِ [٦]، أَيْ: سِوَى الْأَلْفَيْنِ اللَّتَيْنِ تَقَدَّمَتَا. وَقِيلَ: إِلَّا بِمَعْنَى الْوَاوِ، أَيْ: وَقَدْ شَاءَ رَبُّكَ خُلُودَ هؤلاء

١١٦٥- إسناده صحيح على شرط البخاري.
هشام هو ابن عبد الله، قتادة هو ابن دعامة.
وهو في «شرح السنة» ٤٢٤٦ بهذا الإسناد، وفي «صحيح البخاري» ٧٤٥٠ عن حفص بن عمر به.
وأخرجه أحمد (٣/ ١٣٣ و١٤٧ و٢٠٨) من طريق هشام به.
وأخرجه البخاري ٦٥٥٩ و٧٤٥٠ وأحمد (٣/ ٣٤ و٢٦٩) وأبو يعلى ٢٨٨٦ من طريق همام عن قتادة به.
وأخرجه عبد الرزاق ٢٠٨٥٩ من طريق معمر عن ثابت وقتادة به، ومن هذه الطريق أحمد (٣/ ١٦٣).
وفي الباب من حديث عمران بن حصين وهو الآتي ومن حديث ابن مسعود أبي يعلى ٤٩٧٩ وأحمد (١/ ٤٥٤) وابن خزيمة في «التوحيد» ص ٣٢٠ وابن حبان ٧٤٢٨ والبيهقي في «البعث» ٤٣٥.
١١٦٦- إسناده صحيح على شرط البخاري.
مسدّد هو ابن مسرهد، يحيى هو ابن سعيد القطان، أبو رجاء هو عمران بن ملحان.
وهو في «شرح السنة» ٤٢٤٧ بهذا الإسناد.
وفي «صحيح البخاري» ٦٥٦٦ عن مسدد به.
وأخرجه أبو داود ٤٧٤٠ عن مسدد به.
وأخرجه ابن ماجه ٤٣١٥ من طريق يحيى بن سعيد به.
(١) في المطبوع «المؤمنين».
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع «يدخلها».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المطبوع «لا».
(٦) في المخطوط «ألفين».


الصفحة التالية
Icon