ذلول، يعني أنهم متواضعون. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً [الفرقان:
٦٣]، أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ، أَيْ: أَشِدَّاءَ غلاظ على الكفار يعازونهم [١] وَيُغَالِبُونَهُمْ، مِنْ قَوْلِهِمْ: عَزَّهُ أَيْ غَلَبَهُ. قَالَ عَطَاءٌ: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ: كَالْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَالْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ: كَالسَّبُعِ عَلَى فَرِيسَتِهِ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ [الفتح: ٢٩]، يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ، يَعْنِي: لَا يَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَ [٢] النَّاسِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يُرَاقِبُونَ الْكُفَّارَ وَيَخَافُونَ لَوْمَهُمْ.
«٨٠٦» وَرُوِّينَا عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَأَنْ نقوم أو نقول بالحق حيث ما كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ، أَيْ: مَحَبَّتُهُمْ لِلَّهِ وَلِينُ جَانِبِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ، وَشِدَّتُهُمْ عَلَى الْكَافِرِينَ، مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عليهم [٣]، وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٥٥ الى ٥٦]
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (٥٦)
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَعَبْدِ اللَّهِ بن أبيّ ابن سَلُولٍ حِينَ تَبَرَّأَ عُبَادَةُ مِنَ الْيَهُودِ، وَقَالَ: أَتَوَلَّى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا، فَنَزَلَ فِيهِمْ مِنْ قَوْلِهِ [٤] : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ [المائدة: ٥١]، إِلَى قَوْلِهِ: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا، يَعْنِي: عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
«٨٠٧» وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ إِلَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمَنَا قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ قَدْ هَجَرُونَا وَفَارَقُونَا وَأَقْسَمُوا أَنْ لَا يُجَالِسُونَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَضِينَا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ أَوْلِيَاءَ.
وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: وَهُمْ راكِعُونَ، صَلَاةَ التَّطَوُّعِ بِاللَّيْلِ والنهار، وقاله [٥] ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
«٨٠٨» وَقَالَ السُّدِّيُّ: قَوْلُهُ: وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ، أَرَادَ بِهِ عَلِيَّ بن
٨٠٧- ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٣٩٦ عن جابر بدون إسناد.
وأخرجه الواحدي ٣٩٧ من حديث ابن عباس بنحوه بإسناد ساقط.
٨٠٨- موضوع. أخرجه الطبري ١٢٢١٥ عن السدي مرسلا، وهذا مرسل والسدي يروي المناكير.
وأخرجه الواحدي ٣٩٧ عن محمد بن مروان عن محمد بن السائب عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عباس مرفوعا وفيه «ثم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع، فنظر سائلا فقال: هل أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم خاتم من ذهب. قال: من أعطاكه؟ قال: ذلك القائم، وأومأ بيده إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فقال: على أي حال أعطاك؟ قال:
أعطاني، وهو راكع، فَكَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم ثم قرأ: وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ....».
(١) في المطبوع وط «يعادونهم» والمثبت عن المخطوطين، ويدل على صحة ما بعده.
(٢) في المطبوع «لومة».
(٣) في المخطوط ب وحده «على المؤمنين».
(٤) انظر الحديث المتقدم برقم: ٧٨٥. [.....]
(٥) وقع في الأصل «وقال» والتصويب من «ط».