كُلِّ نَقْصٍ عَلَى طَرِيقِ المبالغة، وتكون سُبْحَانَ بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ، أَسْرَى بِعَبْدِهِ، أَيْ: سَيَّرَهُ، وَكَذَلِكَ سَرَى بِهِ، وَالْعَبْدُ هُوَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، قِيلَ: كَانَ الْإِسْرَاءُ مِنْ مَسْجِدِ مَكَّةَ.
«١٢٧٧» رَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْحِجْرِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ أَتَانِي جِبْرِيلُ بِالْبُرَاقِ»، فَذَكَرَ حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ.
وَقَالَ قَوْمٌ: عُرِجَ بِهِ مِنْ دَارِ أم هانىء بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَيْ:
مِنَ الْحَرَمِ.
قَالَ مُقَاتِلٌ: كَانَتْ لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ. وَيُقَالُ: كَانَ فِي رَجَبٍ. وَقِيلَ: كَانَ فِي [شَهْرِ] [١] رَمَضَانَ. إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، يَعْنِي: بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَسُمِّيَ أَقْصَى لِأَنَّهُ أَبْعَدُ الْمَسَاجِدِ الَّتِي تزار. وقيل: لبعده عن الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ، بِالْأَنْهَارِ وَالْأَشْجَارِ وَالثِّمَارِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
سَمَّاهُ مُبَارَكًا لِأَنَّهُ مَقَرُّ الْأَنْبِيَاءِ وَمَهْبِطُ الْمَلَائِكَةِ وَالْوَحْيِ [٢] وَمِنْهُ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا، مِنْ عَجَائِبِ قُدْرَتِنَا، وَقَدْ رَأَى هُنَاكَ الْأَنْبِيَاءَ وَالْآيَاتِ الْكُبْرَى، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، ذَكَرَ السميع [٣] لينبه على أنه [هو] [٤] الْمُجِيبُ لِدُعَائِهِ، وَذَكَرَ الْبَصِيرَ [٥] لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ الْحَافِظُ لَهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ.
«١٢٧٨» وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ مَا فُقِدَ جَسَدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ اللَّهَ أَسْرَى بِرُوحِهِ. وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أنه أسرى بجسده [وروحه] [٦] فِي الْيَقَظَةِ وَتَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ عَلَى ذَلِكَ.
«١٢٧٩» أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الفربري ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إسماعيل البخاري ثنا هدبة بن خالد ثنا همام بن يحيى ثنا قَتَادَةُ حَ [٧] قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ لي خليفة العصفري: ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد وهشام. قالا: ثنا

١٢٧٧- هو الحديث الآتي برقم: ١٢٧٩.
١٢٧٨- باطل. ذكره ابن هشام في «السيرة» ٢/ ٣١ عن ابن إسحق قال: حدثني بعض آل أبي بكر عن عائشة، فذكره، وإسناده ضعيف لجهالة من حديث ابن إسحاق، بل هو باطل لتفرد ابن إسحاق به، وهو يروي عن متروكين، وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» ٢/ ٦٤٦: قال ابن إسحاق في «المغازي» : حدثني بعض آل بكر عن عائشة بهذا اهـ.
- ومما يدل على عدم صحته عن عائشة هو أنها لم تدرك ذلك، فهو مكذوب عليها.
١٢٧٩- ساقه المصنف بأسانيد من طريق الصحيحين أو أحدهما، فهذه أسانيد صحاح.
- أخرجه البخاري ٣٢٠٧ و٣٣٩٣ و٣٤٣٠ و٣٨٨٧ وابن حبان ٤٨ والبيهقي في «الدلائل» ٢/ ٣٨٧ من طرق عَنْ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صعصعة.
- وأخرجه أحمد ٤/ ٢٠٨ و٢٠٩ وأبو عوانة ١/ ١٢٠ وابن مندة ٧١٧ من طرق عن همام بالإسناد السابق.
- وأخرجه البخاري ٣٢٠٧ ومسلم ١٦٤ والترمذي ٣٣٤٦ وابن أبي شيبة ١٤/ ٣٠٥ وأحمد ٤/ ٢١٠ وأبو عوانة ١/ ١١٦ و١٢٠ والبيهقي في «الدلائل» ٢/ ٣٧٣- ٣٧٧ وابن مندة في «الإيمان» ٧١٦ من طرق عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عن قتادة عن أنس.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيد في المطبوع «وفيه الصخرة».
(٣) في المخطوط «السمع».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المخطوط «البصر».
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) تكتب «ح» عند الانتقال من إسناد إلى إسناد آخر، فهي من التحويل، ورمز عن ذلك ب «ح».


الصفحة التالية
Icon