بِمِثْلِ عُوَاءِ الذِّئَابِ فِي كُلِّ ذنب لَا يُسْتَجَابُ لَنَا، قَالَ اللَّهُ فَاسْأَلْهُمْ مَا الَّذِي يَمْنَعُنِي أَنْ أَسْتَجِيبَ لَهُمْ أَلَسْتُ أَسْمَعَ السَّامِعِينَ وَأَبْصَرَ النَّاظِرِينَ وَأَقْرَبَ الْمُجِيبِينَ وَأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ؟ فَكَيْفَ أَرْفَعُ صِيَامَهُمْ وَهُمْ يلبسونه بقولة الزُّورِ وَيَتَقَوَّوْنَ عَلَيْهِ بِطُعْمَةِ الْحَرَامِ؟ أَمْ كَيْفَ أُنَوِّرُ صَلَاتَهُمْ وَقُلُوبُهُمْ صَاغِيَةٌ إِلَى مَنْ يُحَارِبُنِي وَيُحَادُّنِي وَيَنْتَهِكُ مَحَارِمِي؟ أَمْ كَيْفَ تَزَكَّى عِنْدِي صَدَقَاتُهُمْ [وَهُمْ] [١] يَتَصَدَّقُونَ بِأَمْوَالِ غَيْرِهِمْ إِنَّمَا آجُرُ عَلَيْهَا أَهْلَهَا الْمَغْصُوبِينَ؟ أَمْ كَيْفَ أَسْتَجِيبُ دُعَاءَهُمْ وإنما هو قولهم [٢] بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَالْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ بَعِيدٌ إِنَّمَا أَسْتَجِيبُ لِلدَّاعِي اللَّيِّنِ وَإِنَّمَا أسمع قول المستضعف [٣] الْمِسْكِينِ، وَإِنَّ مِنْ عَلَامَةِ رِضَايَ رِضَا الْمَسَاكِينِ، يَقُولُونَ لَمَّا سَمِعُوا كَلَامِي وَبَلَغَتْهُمْ رِسَالَتِي إِنَّهَا أَقَاوِيلُ مَنْقُولَةٌ وَأَحَادِيثُ مُتَوَارَثَةٌ وَتَأْلِيفٌ مِمَّا يُؤَلِّفُ السَّحَرَةُ وَالْكَهَنَةُ، وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ لو شاؤوا أَنْ يَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ فَعَلُوا ولو شاؤوا أَنْ يَطَّلِعُوا عَلَى عِلْمِ الْغَيْبِ مما يُوحِي إِلَيْهِمُ الشَّيَاطِينُ اطَّلَعُوا وَإِنِّي قد قضيت يوم خلقت السموات والأرض قضاء أثبته وختمته عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُ دُونَهُ أَجَلًا مُؤَجَّلًا لَا بُدَّ أَنَّهُ وَاقِعٌ، فَإِنْ صَدَقُوا فِيمَا يَنْتَحِلُونَ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ فَلْيُخْبِرُوكَ مَتَى أُنَفِّذُهُ أَوْ فِي أَيِّ زَمَانٍ يَكُونُ وَإِنْ كَانُوا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يأتوا بما يشاؤون، فَلْيَأْتُوا بِمِثْلِ هَذِهِ الْقُدْرَةِ الَّتِي بِهَا أَمْضَيْتُ فَإِنِّي مُظْهِرُهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، وَإِنْ كَانُوا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يؤلفوا ما يشاؤون فليؤلفوا مِثْلَ الْحِكْمَةِ الَّتِي بِهَا أُدَبِّرُ أَمْرَ ذَلِكَ الْقَضَاءِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ، وَإِنِّي قَدْ قَضَيْتُ يَوْمَ خلقت السموات وَالْأَرْضَ أَنْ أَجْعَلَ النُّبُوَّةَ فِي الْأُجَرَاءِ، وَأَنْ أَجْعَلَ الْمُلْكَ فِي الرِّعَاءِ، وَالْعِزَّ فِي الْأَذِلَّاءِ، وَالْقُوَّةَ فِي الضُّعَفَاءِ، وَالْغِنَى فِي الْفُقَرَاءِ، وَالْعِلْمَ فِي الْجَهَالَةِ، وَالْحِكْمَةَ فِي الْأُمِّيِّينَ فَسَلْهُمْ مَتَى هَذَا وَمَنِ القائم بهذا، وَمَنْ أَعْوَانُ هَذَا الْأَمْرِ وَأَنْصَارُهُ إن كانوا يعلمون، وإني بَاعِثٌ لِذَلِكَ نَبِيًّا أُمِّيًّا أَمِينًا ليس أعمى من عميان ولا ضالا من ضالين لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا صَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا مُتَزَيِّنٌ بِالْفُحْشِ وَلَا قَوَّالٌ لِلْخَنَا أُسَدِّدُهُ بكل جَمِيلٍ وَأَهَبُّ لَهُ كُلَّ خُلُقٍ كَرِيمٍ، أَجْعَلُ السَّكِينَةَ لِبَاسَهُ وَالْبِرَّ شِعَارَهُ، وَالتَّقْوَى ضَمِيرَهُ وَالْحِكْمَةَ مَعْقُولَهُ، وَالصِّدْقَ وَالْوَفَاءَ طَبِيعَتَهُ، وَالْعَفْوَ وَالْمَعْرُوفَ خُلُقَهُ وَالْعَدْلَ سِيرَتَهُ، وَالْحَقَّ شَرِيعَتَهُ والهدى إِمَامَهُ وَالْإِسْلَامَ مِلَّتَهُ [٤] وَأَحْمَدَ اسْمَهُ، أَهْدِي بِهِ بَعْدَ الضَّلَالَةِ وَأُعَلِّمُ بِهِ بَعْدَ الْجَهَالَةِ وَأَرْفَعُ بِهِ بَعْدَ الْخَمَالَةِ، وَأُشْهِرُ بِهِ بَعْدَ النَّكِرَةِ وَأُكْثِرُ بِهِ بَعْدَ الْقِلَّةِ وَأُغْنِي بِهِ بَعْدَ الْعَيْلَةِ، وَأَجْمَعُ بِهِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَأُؤَلِّفُ بِهِ بين قلوب مختلفة، وأهواء مشتتة وَأُمَمٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَأَجْعَلُ أُمَّتَهُ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ تَوْحِيدًا لِي وإيمانا [لي] [٥] وإخلاصا لي يصلون [لي] [٦] قِيَامًا وَقُعُودًا وَرُكَّعًا وَسُجُودًا، وَيُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِي صُفُوفًا وَزُحُوفًا، وَيَخْرُجُونَ مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمُ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِي أُلْهِمُهُمُ التَّكْبِيرَ وَالتَّوْحِيدَ وَالتَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ والتهليل والمدحة والتمجيد [لي] [٧] في مسيرهم ومجالسهم ومضاجعهم ومتقلبهم [٨] وَمَثْوَاهُمْ، يُكَبِّرُونَ وَيُهَلِّلُونَ وَيُقَدِّسُونَ عَلَى رؤوس الْأَشْرَافِ وَيُطَهِّرُونَ لِي الْوُجُوهَ وَالْأَطْرَافَ ويعقدون الثياب على الأنصاف،

(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «قول».
(٣) في المطبوع «المستعفف» والمثبت عن المخطوط والطبري.
(٤) زيد في المطبوع «والحمد دينه».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيادة عن المخطوط. [.....]
(٧) زيادة عن المخطوط.
(٨) تصحف في المطبوع «ومعاقبهم».


الصفحة التالية
Icon