تُقَسِّمُ جُنْدَكَ أَرْبَعَةَ أَرْبَاعٍ ثُمَّ أَقِمْ عَلَى كُلِّ زَاوِيَةٍ رُبْعًا ثُمَّ ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ إِلَى السَّمَاءِ فنادوا [اللهم] [١] إِنَّا نَسْتَفْتِحُكَ يَا أَللَّهُ بِدَمِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا فَإِنَّهَا سَوْفَ تَتَسَاقَطُ، فَفَعَلُوا فَتَسَاقَطَتِ الْمَدِينَةُ وَدَخَلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا، فَقَالَتْ: كُفَّ يَدَكَ وَانْطَلَقَتْ بِهِ إِلَى دَمِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَقَالَتِ: اقْتُلْ عَلَى هَذَا الدَّمِ حَتَّى يَسْكُنَ فَقَتَلَ عَلَيْهِ سَبْعِينَ أَلْفًا حَتَّى سَكَنَ، فلما سكن قالت: كف الآن يَدَكَ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ إِذَا قُتِلَ نَبِيٌّ حَتَّى يُقْتَلَ مَنْ قَتَلَهُ وَمَنْ رَضِيَ بِقَتْلِهِ، فأتاه صَاحِبُ الصَّحِيفَةِ بِصَحِيفَتِهِ فَكَفَّ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَخَرَّبَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَطَرَحَ فِيهِ الْجِيَفَ وَأَعَانَهُ عَلَى خَرَابِهِ الرُّومُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَتَلُوا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، وَذَهَبَ مَعَهُ بِوُجُوهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَذَهَبَ بِدَانْيَالَ وَقَوْمٍ مِنْ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ وَذَهَبَ مَعَهُ بِرَأْسِ جَالُوتَ، فَلَمَّا قَدِمَ بَابِلَ وَجَدَ صَخَابِينَ قَدْ مَاتَ فَمَلَكَ [٢] مَكَانَهُ، وَكَانَ أَكْرَمَ النَّاسِ عِنْدَهُ دَانْيَالُ وَأَصْحَابُهُ فَحَسَدَهُمُ الْمَجُوسُ وَوَشَوْا بهم إليهم وقالوا له: إِنَّ دَانْيَالَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَعْبُدُونَ إِلَهَكَ وَلَا يَأْكُلُونَ ذَبِيحَتَكَ، فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: أَجَلْ [إِنَّ] [٣] لَنَا رَبًّا نَعْبُدُهُ وَلَسْنَا نَأْكُلُ مِنْ ذَبِيحَتِكُمْ، فَأَمَرَ الْمَلِكُ بِخَدٍّ فَخُدَّ لَهُمْ فَأُلْقُوا فِيهِ وَهُمْ سِتَّةٌ وَأَلْقَى مَعَهُمْ بِسَبْعٍ ضَارٍ لِيَأْكُلَهُمْ، فَذَهَبُوا ثم راحوا فوجدوه جُلُوسًا وَالسَّبْعُ مُفْتَرِشٌ ذِرَاعَيْهِ مَعَهُمْ لَمْ يَخْدِشْ مِنْهُمْ أَحَدًا وَوَجَدُوا مَعَهُمْ رَجُلًا سَابِعًا، فَقَالَ: مَا [كان] [٤] هَذَا السَّابِعُ إِنَّمَا كَانُوا سِتَّةً فَخَرَجَ السَّابِعُ وَكَانَ مَلَكًا فَلَطَمَهُ لطمة فصار في صورة الوحش وَمَسَخَهُ اللَّهُ سَبْعَ سِنِينَ.
وَذَكَرَ وَهْبٌ: أَنَّ اللَّهَ مَسَخَ بُخْتُنَصَّرَ نسرا في الطيور ثُمَّ مَسَخَهُ ثَوْرًا فِي الدَّوَابِّ ثُمَّ مَسَخَهُ أَسَدًا فِي الْوُحُوشِ، فَكَانَ مَسْخُهُ سَبْعَ سِنِينَ وَقَلْبُهُ فِي ذَلِكَ قَلْبُ إِنْسَانٍ، ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ مُلْكَهُ فَآمَنَ. فَسُئِلَ وَهْبٌ أَكَانَ مُؤْمِنًا؟ فَقَالَ: وَجَدْتُ أَهْلَ الْكِتَابِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فمنهم من قال مات مُؤْمِنًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَحْرَقَ بيت الله وَكُتُبَهُ وَقَتَلَ الْأَنْبِيَاءَ فَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلْ تَوْبَتَهُ. وَقَالَ السدي: إِنَّ بُخْتُنَصَّرَ [لَمَّا] [٥] رَجَعَ إِلَى صُورَتِهِ بَعْدَ الْمَسْخِ وَرَدَّ اللَّهُ إليه ملكه وكان دَانْيَالُ وَأَصْحَابُهُ أَكْرَمَ النَّاسِ عَلَيْهِ فَحَسَدَهُمُ الْمَجُوسُ، وَقَالُوا لِبُخْتُنَصَّرَ: إِنَّ دَانْيَالَ إِذَا شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ أَنْ يَبُولَ وَكَانَ ذَلِكَ فِيهِمْ عَارًا فَجَعَلَ لَهُمْ طَعَامًا وَشَرَابًا فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا، وَقَالَ لِلْبَوَّابِ انْظُرْ أَوَّلَ مَنْ يَخْرُجُ لِيَبُولَ فَاضْرِبْهُ بِالطَّبْرَزِينَ فَإِنْ قَالَ [لك] [٦] أَنَا بُخْتُنَصَّرُ فَقُلْ كَذَبْتَ بُخْتُنَصَّرُ أمرني بذلك، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَامَ لِلْبَوْلِ بُخْتُنَصَّرُ فَلَمَّا رَآهُ الْبَوَّابُ شَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ:
وَيْحَكَ أَنَا بُخْتُنَصَّرُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ بُخْتُنَصَّرُ أَمَرَنِي فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي «الْمُبْتَدَأِ»، إِلَّا أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّ بُخْتُنَصَّرَ غَزَا بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ قَتْلِهِمْ شِعْيَاءَ فِي عَهْدِ أَرْمِيَاءَ، وَمِنْ وَقْتِ أَرْمِيَاءَ وَتَخْرِيبِ بُخْتُنَصَّرَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ إِلَى مَوْلِدِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا أَرْبَعُمِائَةٍ وَإِحْدَى وَسِتُّونَ سَنَةً، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُعِدُّونَ مِنْ لَدُنْ تَخْرِيبِ بُخْتُنَصَّرَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ إِلَى حِينِ عمارته في عهد كيوس بن أخشورش بن أصبهبد بِبَابِلَ مِنْ قِبَلِ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيَارَ سَبْعِينَ سَنَةً، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ عِمَارَتِهِ إِلَى ظُهُورِ الْإِسْكَنْدَرِ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثَمَانٍ وَثَمَانُونَ سَنَةً، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ مَمْلَكَتِهِ التي قتل يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتُّونَ سَنَةً. وَالصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ [٧].
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ أَيْ: أَعْلَمْنَاهُمْ وأخبرناهم فيما آتيناهم من

(١) زيادة عن المخطوط. [.....]
(٢) في المطبوع «فتملك».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) هذه الآثار من الإسرائيليات.


الصفحة التالية
Icon