السراج ثنا قتيبة ثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ نَسْيِ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا».
وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً، أَيْ: يُثَبِّتُنِي عَلَى طَرِيقٍ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ وَأَرْشَدُ.
وَقِيلَ: أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ إِذَا نَسِيَ شَيْئًا وَيَسْأَلَهُ أَنْ يَهْدِيَهُ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ذِكْرِ مَا نَسِيَهُ. وَيُقَالُ: هُوَ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا سَأَلُوهُ عَنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ عَلَى وَجْهِ الْعِنَادِ أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُخْبِرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ سَيُؤْتِيهِ مِنَ الْحُجَجِ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ مَا هُوَ أَدَلُّ لَهُمْ مِنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ [وَقَدْ فَعَلَ حَيْثُ أَتَاهُ من علم الغيب حال الْمُرْسَلِينَ مَا كَانَ أَوْضَحَ لَهُمْ فِي الْحُجَّةِ وَأَقْرَبَ إِلَى الرُّشْدِ مِنْ خَبَرِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ] [١]، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا شَيْءٌ أُمِرَ أَنْ يَقُولَهُ مَعَ قَوْلِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِذَا ذَكَرَ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ النِّسْيَانِ وَإِذَا نَسِيَ الْإِنْسَانُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَتَوْبَتُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ، يَعْنِي أَصْحَابَ الْكَهْفِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا خَبَرٌ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ خَبَرًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ قَدْرِ لُبْثِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا [الكهف: ٢٦] وَجْهٌ، وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ: «وَقَالُوا لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ» ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا وَقَالَ الْآخَرُونَ: هَذَا إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ قَدْرِ لُبْثِهِمْ فِي الْكَهْفِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَمْرَ مِنْ مُدَّةِ لُبْثِهِمْ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ نَازَعُوكَ فِيهَا فَأَجِبْهُمْ، وَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا، أَيْ: هُوَ أَعْلَمُ مِنْكُمْ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا بِمُدَّةِ لُبْثِهِمْ. وَقِيلَ: إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ قَالُوا: إِنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ مِنْ لَدُنْ دَخَلُوا الْكَهْفَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَتِسْعُ سِنِينَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا يَعْنِي بَعْدَ قَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى:
ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ ثَلَاثَ مِائَةَ بِلَا تَنْوِينٍ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّنْوِينِ، فَإِنْ قِيلَ: لم قال ثلاثمائة سِنِينَ وَلَمْ يَقُلْ سَنَةً؟ قِيلَ: نَزَلَ قَوْلُهُ: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ، فَقَالُوا: أَيَّامًا أَوْ شُهُورًا أَوْ سِنِينَ؟ فَنَزَلَتْ سِنِينَ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَضَعُ سِنِينَ فِي مَوْضِعِ سَنَةٍ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ سنين ثلاثمائة. وَازْدَادُوا تِسْعاً، قَالَ الْكَلْبِيُّ: قَالَتْ نصارى نجران أما ثلاثمائة فقد عرفناه [٢] وَأَمَّا التِّسْعُ فَلَا عِلْمَ لَنَا علم بها فنزلت.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٢٦ الى ٢٨]
قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (٢٦) وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٧) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (٢٨)

و٤٥٦ من طرق عن همام عن قتادة به.
- وأخرجه مسلم ٦٨٤ ح ٣١٥ وأحمد ٣/ ١٠٠ والدارمي ١/ ٢٨٠ وأبو عوانة ١/ ٣٨٥ و٢/ ٢٦٠ وابن خزيمة ٩٩٢ والبيهقي ٢/ ٤٥٦ من طرق عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عن قتادة به.
- وأخرجه مسلم ٦٨٤ ح ٣١٦ وأبو عوانة ١/ ٣٨٥ من طريق المثنى عن قتادة به.
- وأخرجه النسائي ١/ ٢٩٣ و٢٩٤ وابن ماجه ٦٩٥ وأحمد ٣/ ٢٦٧ وأبو عوانة ١/ ٢٨٥ و٢/ ٢٦٠ وابن خزيمة ٩٩١ من طرق عن حجاج بن الحجاج الأحول عن قتادة به.
(١) سقط من المخطوط.
(٢) في المطبوع «عرفنا».


الصفحة التالية
Icon