[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٦١ الى ٦٢]

فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هَذَا نَصَباً (٦٢)
فَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَلَمَّا بَلَغا، يَعْنِي مُوسَى وَفَتَاهُ، مَجْمَعَ بَيْنِهِما، أي: بين البحرين [١] نَسِيا، تَرَكَا، حُوتَهُما، وَإِنَّمَا كَانَ الحوت مع يوشع [بن نون] [٢]، وَهُوَ الَّذِي نَسِيَهُ وَأَضَافَ النِّسْيَانَ إِلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا تَزَوَّدَاهُ لِسَفَرِهِمَا، كَمَا يُقَالُ: خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَحَمَلُوا مِنَ الزَّادِ كَذَا وَإِنَّمَا حَمَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَاتَّخَذَ، أَيِ الْحُوتُ، سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً، أَيْ مَسْلَكًا.
«١٣٦٦» وَرُوِيَ عن ابن كَعْبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «انْجَابَ الْمَاءُ عَنْ مَسْلَكِ الْحُوتِ فَصَارَ كُوَّةً لَمْ يَلْتَئِمْ فَدَخَلَ مُوسَى الْكُوَّةَ عَلَى أَثَرِ الْحُوتِ فَإِذَا هُوَ بِالْخَضِرِ»، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَعَلَ الْحُوتُ لَا يَمَسُّ شَيْئًا مِنَ الْبَحْرِ إِلَّا يَبِسَ حَتَّى صَارَ صَخْرَةً، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: تَوَضَّأَ يُوشَعُ بْنُ نُونَ مِنْ عَيْنِ الْحَيَاةِ فَانْتَضَحَ عَلَى الْحُوتِ الْمَالِحِ فِي الْمِكْتَلِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَعَاشَ ثُمَّ وَثَبَ فِي ذلك الماء فجعل [لا] [٣] يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ فَلَا يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ شَيْئًا مِنَ الْمَاءِ وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلَّا يَبِسَ، وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّهُمَا لَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، وَضَعَا رؤوسهما فَنَامَا وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فَخَرَجَ وَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ، فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الْحُوتِ جَرْيَةَ الْمَاءِ فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلُ الطَّاقِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ [مُوسَى] [٤] نَسِيَ صَاحِبُهُ أَنْ يُخْبِرَهُ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ [٥].
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا جاوَزا، يَعْنِي ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَهُوَ مَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ، قالَ، مُوسَى، لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا، أَيْ طَعَامَنَا، وَالْغَدَاءُ مَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ غُدْوَةً، وَالْعَشَاءُ مَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَشِيَّةً، لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هَذَا نَصَباً
، أَيْ تَعَبًا وَشِدَّةً وَذَلِكَ أَنَّهُ أُلْقِيَ عَلَى مُوسَى الْجُوعُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الصَّخْرَةِ، لِيَتَذَكَّرَ الْحُوتَ وَيَرْجِعَ إِلَى مَطْلَبِهِ.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٦٣ الى ٦٧]
قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (٦٣) قالَ ذلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (٦٤) فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (٦٥) قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (٦٦) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧)
قالَ لَهُ فَتَاهَ وَتَذَكَّرَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ، وَهِيَ صَخْرَةٌ كَانَتْ بِالْمَوْضِعِ الْمَوْعُودِ، قَالَ هقل [٦] بْنُ زِيَادٍ: هِيَ الصَّخْرَةُ الَّتِي دُونَ نَهْرِ الزَّيْتِ، فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، أَيْ تَرَكْتُهُ وَفَقَدْتُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ يُوشَعَ حِينَ رَأَى ذَلِكَ مِنَ الْحُوتِ قَامَ لِيُدْرِكَ مُوسَى فَيُخْبِرَهُ، فَنَسِيَ أَنْ يُخْبِرَهُ فَمَكَثَا يومهما حتى صليا
١٣٦٦- ضعيف. أخرجه الطبري ٢٣١٨٥ من طريق عَبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بن كعب به.
- وإسناده ضعيف، فيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وقد عنعن.
(١) في المطبوع «الفريقين».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) يلاحظ أن المصنف اختصر الخبر لعل فيه خللا في هذا الموضع، وانظر تمامه في «صحيح البخاري» ٤٧٢٥.
(٦) تصحف في المطبوع «مقاتل».


الصفحة التالية
Icon