سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ».
وَفِي الْقِصَّةِ أَنَّ مُوسَى أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الحشيش اليابس وقصد الشجرة فكان كُلَّمَا دَنَا نَأَتْ مِنْهُ النَّارُ، وَإِذَا نَأَى دَنَتْ، فَوَقَفَ مُتَحَيِّرًا فسمع تَسْبِيحَ الْمَلَائِكَةِ، وَأُلْقِيَتْ عَلَيْهِ السَّكِّينَةُ، نُودِيَ يَا مُوسى.
إِنِّي أَنَا رَبُّكَ، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ كثير وأبو عمرو، وإني بِفَتْحِ الْأَلِفِ عَلَى مَعْنَى نُودِيَ بِأَنِّي، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِ الْأَلِفِ أَيْ نُودِيَ، فَقِيلَ: إِنِّي أَنَا رَبُّكَ، قَالَ وَهْبٌ: نُودِيَ مِنَ الشَّجَرَةِ، فَقِيلَ يَا مُوسَى فَأَجَابَ سَرِيعًا لَا يَدْرِي مَنْ دَعَاهُ، فَقَالَ إِنِّي أَسْمَعُ صَوْتَكَ وَلَا أَرَى مَكَانَكَ فَأَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا فَوْقَكَ وَمَعَكَ، وَأَمَامَكَ وَخَلْفَكَ وَأَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ فَعَلِمَ أَنْ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي إِلَّا لِلَّهِ فَأَيْقَنَ بِهِ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ، وَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ:
«١٤١٦» مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا فِي قَوْلِهِ: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ، قَالَ: «كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ». وَيُرْوَى «غَيْرُ مَدْبُوغٍ». وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ: أُمِرَ بِخَلْعِ النَّعْلَيْنِ لِيُبَاشِرَ بِقَدَمِهِ تُرَابَ الْأَرْضِ المقدسة، فتناله بَرَكَتُهَا لِأَنَّهَا قُدِّسَتْ مَرَّتَيْنِ، فَخَلَعَهُمَا مُوسَى وَأَلْقَاهُمَا مِنْ وَرَاءِ الْوَادِي إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ، أَيِ الْمُطَهَّرِ، طُوىً، وَطُوًى اسم الوادي، قرأ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَالشَّامِ: «طُوًى» بِالتَّنْوِينِ هَاهُنَا وَفِي سُورَةِ النَّازِعَاتِ [١٦]، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِلَا تَنْوِينٍ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ به عَنْ طَاوٍ فَلَمَّا كَانَ مَعْدُولًا عَنْ وَجْهِهِ كَانَ مَصْرُوفًا عَنْ إِعْرَابِهِ، مِثْلُ عُمْرَ وَزُفَرَ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: طُوًى وَادٍ مُسْتَدِيرٌ عَمِيقٌ مِثْلُ الطَّوِيِّ فِي اسْتِدَارَتِهِ.
وَأَنَا اخْتَرْتُكَ، اصْطَفَيْتُكَ بِرِسَالَاتِي [١]، قَرَأَ حَمْزَةُ وَأَنَّا مُشَدَّدَةَ النُّونِ، اخْتَرْنَاكَ عَلَى التَّعْظِيمِ.
فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى، إِلَيْكَ.
إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي، وَلَا تَعْبُدْ غَيْرِي، وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي، قَالَ مُجَاهِدٌ: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِتَذْكُرَنِي فِيهَا [٢]، وقال مقاتل: إذا تركت صلاة ثُمَّ ذَكَرْتَهَا، فَأَقِمْهَا.
«١٤١٧» أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَنَا أَبُو عُمَرَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بن عبد الله

١٤١٦- باطل، أخرجه الترمذي ١٧٣٤ والحاكم ٢/ ٣٧٩ والطبري ٢٤٠٣٨ وابن حبان في «المجروحين» ١/ ٢٦٢ والذهبي في «الميزان» ١/ ٦١٥ وابن العربي في «أحكام القرآن» ١٤٨٠ من طرق عن حميد بن عبد الله الأعرج عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عن ابن مسعود مرفوعا.
- وصححه الحاكم على شرط البخاري! وتعقبه الذهبي بقوله: بل ليس على شرط البخاري وإنما غره أن في الإسناد حميد بن قيس كذا، وهو خطأ. إنما هو حميد الأعرج الكوفي ابن علي أو ابن عمار، أحمد المتروكين فظنه المكي الصادق.
- وقال الترمذي: غريب، وحميد هو ابن علي، سمعت محمدا- البخاري- يقول: منكر الحديث.
- ونقل الذهبي في «الميزان» ١/ ٦١٥ عن ابن حبان في قوله: روى عن ابن مسعود نسخة كأنها موضوعة.
١٤١٧- صحيح. الحسين بن الفضل فمن دونه توبعوا، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
- عفان بن مسلم، همام بن يحيى، قتادة بن دعامة.
- وهو في «شرح السنة» ٣٩٥ بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٥٩٧ ومسلم ٦٨٤ ح ٣١٤ وأبو داود ٤٤٢ وأحمد ٣/ ٢٦٩ والطحاوي في «المعاني» ١/ ٤٦٦
(١) في المخطوط «برسالتي».
(٢) في المطبوع «بها».


الصفحة التالية
Icon