مَا لَهُ فَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ وَيَلْحَقُهُ الولد ولكن لا يرتفع تأييد التَّحْرِيمِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فُرْقَةُ اللعان فرقة طلاق فإذا أكذب الزَّوْجُ نَفْسَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَإِذَا أَتَى بِبَعْضِ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا أَتَى بِأَكْثَرِ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ قَامَ مَقَامَ الْكُلِّ فِي تَعَلُّقِ [١] الْحُكْمِ بِهِ، فكل مَنْ صَحَّ يَمِينُهُ صَحَّ لِعَانُهُ حرا [كان] [٢] أو عبدا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَالْحَسَنِ، وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ لَا يَجْرِي اللِّعَانُ إِلَّا بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ غَيْرِ مَحْدُودَيْنِ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ يَجْرِي اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ [النور: ٦]، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ والمحدود وغيره كما قال: وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ [الْمُجَادَلَةِ: ٣]، ثُمَّ يَسْتَوِي الْحُرُّ وَالْعَبْدُ هُنَا فِي الظِّهَارِ، وَلَا يَصِحُّ اللِّعَانُ إِلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ خَلِيفَتِهِ، وَيُغَلَّظُ اللِّعَانُ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءٍ بِعَدَدِ الْأَلْفَاظِ وَالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ وَأَنْ يَكُونَ بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ، أَمَّا الْأَلْفَاظُ الْمُسْتَحَقَّةُ فَلَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِهَا، وَأَمَّا الْمَكَانُ فَهُوَ أَنْ يُلَاعِنَ فِي أَشْرَفِ الْأَمَاكِنِ إِنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَبَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَإِنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَعِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَفِي سَائِرِ الْبِلَادِ فَفِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَالزَّمَانِ هُوَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَأَمَّا الْجَمْعُ فَأَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ وَالتَّغْلِيظُ بِالْجَمْعِ مُسْتَحَبٌّ، حتى لولا عن الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا وَحْدَهُ جَازَ وَهَلِ التغليظ بالمكان وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ فِيهِ قَوْلَانِ.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ١٠ الى ١١]
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠) إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١)
قوله: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠)، جَوَابُ لَوْلَا مَحْذُوفٌ يَعْنِي لَعَاجَلَكُمْ بِالْعُقُوبَةِ وَلَكِنَّهُ ستر عليكم ورفع عَنْكُمُ الْحَدَّ بِاللِّعَانِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ يَعُودُ عَلَى مَنْ يَرْجِعُ عَنِ الْمَعَاصِي بِالرَّحْمَةِ حَكِيمٌ فِيمَا فرض من الحدود.
قوله: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ الْآيَاتِ، سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا:
«١٤٩٩» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَاصٍّ وَعُبِيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةٌ من حديثها وبعضهم
- صالح هو ابن كيسان، ابن شهاب هو محمد بن مسلم.
- وهو في «صحيح البخاري» ٤١٤١ عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٤٦٦١ و٤٧٥٠ ومسلم ٢٧٧٠ والنسائي في «التفسير» ٣٨٠ وأبو يعلى ٤٩٢٧ وأحمد ٦/ ١٩٧ وعبد الرزاق ٩٧٤٨ وابن حبان ٤٢١٢ والطبراني ٢٣ (١٣٤) - (١٤٨) والطبري ٢٥٨٥٤ والواحدي في «الوسيط» ٣/ ٣٠٧- ٣١٠ والبيهقي ٧/ ٣٠٢ من طرق عن الزهري به.
(١) في المطبوع «خلق».
(٢) زيادة عن المخطوط.