قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ، يعني يظهر وَيَذِيعَ الزِّنَا، فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ وَأَصْحَابَهُ الْمُنَافِقِينَ، وَالْعَذَابُ فِي الدُّنْيَا الْحَدُّ وَفِي الْآخِرَةِ النَّارُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ، كَذِبَهُمْ وَبَرَاءَةَ عَائِشَةَ وَمَا خَاضُوا فِيهِ مِنْ سُخْطِ الله، وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، جواب وَلَوْلا محذوف يعني: لَعَاجَلَكُمْ بِالْعُقُوبَةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يريد مسطحا وحسان بن ثابت وحمنة.
قَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ، يعني بالقبائح من الأفعال، وَالْمُنْكَرِ، كل ما يكرهه الله، وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكى، قَالَ مُقَاتِلٌ:
مَا صَلَحَ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: مَا طَهُرَ، مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، وَالْآيَةُ عَلَى الْعُمُومِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ، قَالُوا:
أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ لَوْلَا فَضْلُهُ وَرَحْمَتُهُ بِالْعِصْمَةِ مَا صَلَحَ مِنْكُمْ أَحَدٌ. وَقَالَ قَوْمٌ: هَذَا الْخِطَابُ لِلَّذِينِ خَاضُوا فِي الْإِفْكِ، وَمَعْنَاهُ: مَا طَهُرَ مِنْ هَذَا الذَّنْبِ وَلَا صَلُحَ أَمْرُهُ بَعْدَ الَّذِي فَعَلَ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ، قَالَ: مَا قَبِلُ تَوْبَةَ أَحَدٍ مِنْكُمْ، أَبَداً وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي، يُطَهِّرُ، مَنْ يَشاءُ، مِنَ الذَّنْبِ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٢٢ الى ٢٣]
وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢٣)
قوله تعالى: وَلا يَأْتَلِ، يعني ولا يحلف، وهو يفعل [١] من الألية وهي القسم، قرأ أَبُو جَعْفَرٍ يَتَأَلَّ بِتَقْدِيمِ التَّاءِ وَتَأْخِيرِ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ يَتَفَعَّلُ مِنَ الألية وهي القسم. أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ، يعني أولو الغنى وَالسَّعَةِ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ الصَّدِيقَ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَعْنِي مِسْطَحًا وَكَانَ مِسْكِينًا مُهَاجِرًا بَدْرِيًّا ابْنَ خَالَةِ أَبِي بَكْرٍ.
«١٥٠٦» حَلِفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لَا يُنْفِقَ عليه [حين قال ما قال في عائشة عند نزول براءتها] [٢] وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا، عَنْهُمْ خَوْضَهُمْ فِي أَمْرِ عَائِشَةَ، أَلا تُحِبُّونَ، يُخَاطِبُ أَبَا بَكْرٍ، أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، فَلَمَّا قَرَأَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ قَالَ: بَلَى أَنَا أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي وَرَجَّعَ إِلَى مِسْطَحٍ نفقته التي
وفي إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف كما في «المجمع» ٧/ ٧٩.
- وأصل الخبر عند أحمد ٦/ ٥٩ والطبري ٢٥٨٥٧ من حديث عائشة، وإسناد أحمد صحيح، وعلّقه البخاري ٤٧٥٧ في «صحيحه».
(١) في المخطوط «مفتعل».
(٢) سقط من المطبوع.