«لَا أَلْقَاكَ خَارِجًا مِنْ مَكَّةَ إِلَّا عَلَوْتُ رَأْسَكَ بِالسَّيْفِ» فَقُتِلَ عُقْبَةُ يَوْمَ بَدْرٍ صَبْرًا وَأَمَّا أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ فَقَتْلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ بِيَدِهِ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَمَّا بَزَقَ عُقْبَةُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ بُزَاقُهُ فِي وَجْهِهِ فَاحْتَرَقَ خَدَّاهُ، وَكَانَ أَثَرُ ذَلِكَ فِيهِ حَتَّى الْمَوْتِ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مَعِيطٍ خَلِيلَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ فَأَسْلَمَ عُقْبَةُ فَقَالَ أُمَيَّةُ وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ أَنْ بَايَعْتَ مُحَمَّدًا، فَكَفَرَ وَارْتَدَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ يَعْنِي عُقْبَةَ بن أبي معيط بْنِ [أُمَيَّةَ بْنِ] [١] عَبْدِ شَمْسٍ بْنِ مَنَافٍ عَلَى يَدَيْهِ نَدَمًا وَأَسَفًا عَلَى مَا فَرَّطَ فِي جَنْبِ اللَّهِ، وَأَوْبَقَ نَفْسَهُ بِالْمَعْصِيَةِ وَالْكُفْرِ بِاللَّهِ بِطَاعَةِ خَلِيلِهِ الَّذِي صَدَّهُ عَنْ سَبِيلِ رَبِّهِ.
قَالَ عَطَاءٌ: يَأْكُلُ يَدَيْهِ حَتَّى تَبْلُغَ مرفقيه ثم تنبتان ثم يأكلهما [٢] هكذا كلما نبتت يداه أكلهما [٣] تَحَسُّرًا عَلَى مَا فَعَلَ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ، فِي الدُّنْيَا، مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا، لَيْتَنِي اتَّبَعْتُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتَّخَذْتُ مَعَهُ سَبِيلًا إِلَى الْهُدَى، قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو «يَا لَيْتَنِيَ اتَّخَذْتُ» بِفَتْحِ الياء، والآخرون بإسكانها.
يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا (٢٨)، يَعْنِي أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ.
لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ، عَنِ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ، بَعْدَ إِذْ جاءَنِي يَعْنِي الذَّكَرَ مَعَ الرَّسُولِ، وَكانَ الشَّيْطانُ، وَهُوَ كُلُّ مُتَمَرِّدٍ عَاتٍ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَكُلُّ مَنْ صَدَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَيْطَانٌ.
لِلْإِنْسانِ خَذُولًا، أَيْ تَارِكًا يَتْرُكُهُ وَيَتَبَرَّأُ مِنْهُ عِنْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ والعذاب، وحكم هذه الآيات عَامٌ فِي حَقِّ كُلِّ مُتَحَابِّينَ اجتمعا على معصية اللَّهِ [عَزَّ وَجَلَّ] [٤].
«١٥٦٠» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسماعيل ثنا محمد بن العلاء أنا أبو أسامة عن بريد [٥] عن أبي برة عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يَحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا تجد منه ريحا خبيثة».

١٥٦٠- إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
- أبو أسامة حماد بن أسامة، بريد هو ابن عبد الله بن أبي بردة الأشعري، أبو بردة، قيل اسمه عامر، وقيل: الحارث.
- وهو في «شرح السنة» ٣٣٧٧ بهذا الإسناد.
- وهو في «صحيح البخاري» ٥٥٣٤ عن محمد بن العلاء بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم ٢٦٢٨ وابن حبان ٥٦ والقضاعي ١٣٨٠ من طرق عن محمد بن العلاء به.
- وأخرجه البخاري ٢١٠١ من طريق عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ بريد به.
- وأخرجه مسلم ٢٦٢٨ وأحمد ٤/ ٤٠٤ و٤٠٥، وابن حبان ٥٧٩ والقضاعي ١٣٨٠ من طرق عن سفيان بن عيينة به. [.....]
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «يأكل».
(٣) في المطبوع «يده أكلها» وكذا في «الوسيط» ٣/ ٣٣٩ والمثبت عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) تصحف في المطبوع «يزيد».


الصفحة التالية
Icon