مُجَاهِدٌ: هُوَ قَوْلُهُ إِنِّي سَقِيمٌ، وَقَوْلُهُ: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا [الأنبياء: ٦٣]، وَقَوْلُهُ لِسَارَّةَ: هَذِهِ أُخْتِي، وَزَادَ الْحَسَنُ وَقَوْلُهُ لِلْكَوَاكِبِ: هَذَا رَبِّي [الأنعام: ٧٧].
«١٥٧٧» وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبَدِ الْقَاهِرِ أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة ثنا حَفْصٌ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ: «لَا يَنْفَعُهُ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ» [١].
وَهَذَا كُلُّهُ احْتِجَاجٌ مَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ وَإِخْبَارٌ أَنَّهُ لا تصلح الإلهية إلا لمن يَفْعَلُ هَذِهِ الْأَفْعَالَ.
رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعْرِفَةُ حُدُودِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْفَهْمُ وَالْعِلْمُ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: النُّبُوَّةُ، وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ، بِمَنْ قَبْلِي مِنَ النَّبِيِّينَ فِي الْمَنْزِلَةِ وَالدَّرَجَةِ.
وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤)، أَيْ ثَنَاءً حَسَنًا وَذِكْرًا جَمِيلًا وَقَبُولًا عَامًّا فِي الْأُمَمِ الَّتِي تَجِيءُ بَعْدِي، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ ذَلِكَ فَجُعِلَ كُلُّ أَهْلِ الْأَدْيَانِ يتولونه ويثنون عليه [خيرا ويؤمنون به] [٢]. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ:
وُضِعَ اللِّسَانُ مَوْضِعَ الْقَوْلِ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ لِأَنَّ الْقَوْلَ يَكُونُ بِهِ.
وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (٨٥)، أَيْ مِمَّنْ تُعْطِيهِ جَنَّةَ النَّعِيمِ.
وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ (٨٦)، قال هَذَا قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ أنه عدو الله [٣]، كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي سُورَةِ التوبة.
وَلا تُخْزِنِي [أي] [٤] لَا تَفْضَحْنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ.
يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)، أَيْ خَالِصٌ مِنَ الشِّرْكِ وَالشَّكِّ فَأَمَّا الذُّنُوبُ فَلَيْسَ يَسْلَمُ مِنْهَا أَحَدٌ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ المفسرين وقال سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: الْقَلْبُ السَّلِيمُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ لِأَنَّ قَلْبَ الْكَافِرِ وَالْمُنَافِقِ مَرِيضٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ [البقرة:
١٠] قال أبو [٥] عُثْمَانَ النَّيْسَابُورِيُّ: هُوَ الْقَلْبُ الْخَالِي مِنَ الْبِدْعَةِ الْمُطْمَئِنُّ عَلَى السُّنَّةِ.
وَأُزْلِفَتِ قَرَّبَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَبُرِّزَتِ، أظهرت، الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ، للكافرين.

١٥٧٧- إسناده صحيح على شرط البخاري، ومسلم.
- ابن أبي شيبة، هو محمد بن عبد الله، داود هو وابن أبي هند، واسمه دينار، الشعبي هو عامر بن شراحيل، مسروق هو ابن الأجدع.
- وهو في «صحيح مُسْلِمٌ» ٢١٤ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أبي شيبة بهذا الإسناد.
- وكذا أخرجه ابن حبان ٣٣١ من طريق أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ به.
- وأخرجه مسلم ٢١٤ وأحمد ٦/ ٩٣ وأبو عوانة ١/ ١٠٠ من طريق داود بن أبي هند به.
- وأخرجه ابن حبان ٣٣٠ وأبو عوانة ١/ ١٠٠ من طريق الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ به.
(١) وهذا الحديث يعارض قول من قال إن العرب قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كانوا أهل فترة، وأهل الفترة ناجون؟!!.
(٢) زيادة عن المخطوط. [.....]
(٣) في المطبوع «الله».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المطبوع «ابن».


الصفحة التالية
Icon