والحمامة إلى بيضها، وَأُطَهِّرُكَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَعَبَدَةِ الشَّيَاطِينِ، ثُمَّ مَضَى سُلَيْمَانُ حَتَّى مَرَّ بِوَادِي السَّدِيرِ [١] وَادٍ مِنَ الطَّائِفِ، فَأَتَى عَلَى وَادِي النَّمْلِ، هَكَذَا قَالَ كَعْبٌ: إِنَّهُ وَادٍ بِالطَّائِفِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: هُوَ أَرْضٌ بِالشَّامِ. وَقِيلَ: وَادٍ كَانَ يَسْكُنُهُ الْجِنُّ، وَأُولَئِكَ النَّمْلُ مَرَاكِبُهُمْ. وَقَالَ نَوْفٌ الْحِمْيَرِيُّ: كَانَ نَمْلُ ذَلِكَ الْوَادِي أَمْثَالَ الذُّبَابِ. وَقِيلَ: كَالْبَخَاتِيِّ. وَالْمَشْهُورُ: أَنَّهُ النَّمْلُ الصَّغِيرُ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَتْ تِلْكَ النَّمْلَةُ ذَاتَ جَنَاحَيْنِ. وَقِيلَ: كَانَتْ نَمْلَةً عَرْجَاءَ فَنَادَتْ، قالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ، وَلَمْ تَقُلْ ادْخُلْنَ لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ لَهُمْ قَوْلًا كَالْآدَمِيِّينَ خُوطِبُوا بِخِطَابِ الْآدَمِيِّينَ، لَا يَحْطِمَنَّكُمْ، لَا يَكْسَرَنَّكُمْ، سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ، وَالْحَطْمُ الْكَسْرُ، وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، فَسَمِعَ سُلَيْمَانُ قَوْلَهَا، وَكَانَ لا يتكلم [أحد من] [٢] خلق [الله] [٣] إِلَّا حَمَلَتِ الرِّيحُ ذَلِكَ فَأَلْقَتْهُ فِي مَسَامِعَ سُلَيْمَانَ، قَالَ مُقَاتِلٌ:
سَمِعَ سُلَيْمَانُ كَلَامَهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أميال، وقال الضَّحَّاكُ: كَانَ اسْمُ تِلْكَ النَّمْلَةِ طاحية، وقال مُقَاتِلٌ: كَانَ اسْمُهَا جَرْمَى [٤]، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْحَطْمُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَجُنُودِهِ وَكَانَتِ الرِّيحُ تَحْمِلُ سُلَيْمَانَ وَجُنُودَهَ عَلَى بِسَاطٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؟ قِيلَ: كَانَ جُنُودُهُ رُكْبَانًا وَفِيهِمْ مُشَاةٌ عَلَى الْأَرْضِ تُطْوَى لَهُمْ. وَقِيلَ:
يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَبْلَ تَسْخِيرِ اللَّهِ الرِّيحَ لِسُلَيْمَانَ: قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: عَلِمَ النَّمْلُ أَنَّ سُلَيْمَانَ نَبِيٌّ لَيْسَ فِيهِ جَبْرِيَّةٌ وَلَا ظُلْمٌ. وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّكُمْ لَوْ لَمْ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ وَطَؤُوكُمْ وَلَمْ يَشْعُرُوا بِكُمْ.
وَيُرْوَى أَنَّ سُلَيْمَانَ لَمَّا بَلَغَ وَادِي النَّمْلِ حَبَسَ جُنُودَهُ حتى دخل النمل بيوتهم.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها، قَالَ الزَّجَاجُ: أَكْثَرُ ضَحِكِ الْأَنْبِيَاءِ التَّبَسُّمُ. وَقَوْلُهُ:
ضاحِكاً أي متبسما وقيل: كَانَ أَوَّلَهُ التَّبَسُّمُ وَآخِرَهُ الضَّحِكُ.
«١٥٩٤» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] [٥] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي ابْنُ وهب أنا عمرو وهو ابن الحارث أن أبا النَّضْرُ حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَجْمِعًا قَطُّ ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ.
«١٥٩٥» أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْجَوْزَجَانِيُّ أَنَا أبو القاسم الخزاعي أنا الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ ثَنَا أَبُو

١٥٩٤- إسناده صحيح على شرط البخاري، يحيى تفرد عنه البخاري، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
- ابن وهب هو عبد الله، أبو النضر هو سالم بن أبي أمية.
- وهو في «شرح السنة» ٣٥٩٥ بهذا الإسناد.
- وهو في «صحيح البخاري» ٦٠٩٢ عن يحيى بن سليمان بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم ٨٩٩ ح ١٦ وأبو داود ٥٠٩٨ وأحمد ٦/ ٦٦ وأبو الشيخ في «أخلاق النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ١٩٢ من طريق عمرو بن الحارث بهذا الإسناد.
١٥٩٥- إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن لهيعة، وقد اختلط، وليس الراوي عنه أحد العبادلة، وقد خولف في هذا المتن كما سيأتي.
- وهو في «شرح السنة» ٣٥٩٦ بهذا الإسناد.
(١) في المخطوط- ب- «الشدير». [.....]
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع- ب- «جزما».
(٥) زيادة عن المخطوط.


الصفحة التالية
Icon