إِسْرَائِيلَ هُوَ هَذَا رُمِيَ بِهِ في البحر خوفا مِنْكَ فَاقْتُلْهُ، فَهَمَّ فِرْعَوْنُ بِقَتْلِهِ، فقالت آسِيَةُ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تقتله عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَانَتْ لَا تَلِدُ، فَاسْتَوْهَبَتْ مُوسَى مِنْ فِرْعَوْنَ فَوَهَبَهُ لَهَا، وَقَالَ فِرْعَوْنُ أَمَّا أَنَا فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ.
«١٦٠٩» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ قَالَ فِرْعَوْنُ يَوْمَئِذٍ هُوَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي كَمَا هُوَ لَكِ لَهَدَاهُ اللَّهُ كَمَا هَدَاهَا».
فقيل لآسية سميه فقالت قد سَمَّيْتُهُ مُوسَى لِأَنَّا وَجَدْنَاهُ فِي الْمَاءِ وَالشَّجَرِ فَمُو هُوَ الْمَاءُ وَسِي هُوَ الشَّجَرُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عزّ وجلّ.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٨ الى ١٢]
فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ (٨) وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٩) وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١١) وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ (١٢)
فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ، وَالِالْتِقَاطُ هُوَ وُجُودُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ، لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً، وَهَذِهِ اللَّامُ تُسَمَّى لَامَ الْعَاقِبَةِ وَلَامَ الصَّيْرُورَةِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَقِطُوهُ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا وَلَكِنْ صَارَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِمْ إِلَى ذَلِكَ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ «حُزْنًا» بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الزَّايِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالزَّايِ، وَهُمَا لُغَتَانِ، إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ، عَاصِينَ آثِمِينَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ، قَالَ وَهْبٌ: لَمَّا وُضِعَ التَّابُوتُ بَيْنَ يَدَيْ فرعون فتحوه فوجدوا فِيهِ مُوسَى فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ عِبْرَانِيٌّ مِنَ الْأَعْدَاءِ فَغَاظَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ: كَيْفَ أَخْطَأَ هَذَا الْغُلَامَ الذَّبْحُ؟ وَكَانَ فِرْعَوْنُ قَدِ اسْتَنْكَحَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهَا آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ وَكَانَتْ مِنْ خِيَارِ النِّسَاءِ وَمِنْ بنات الأنبياء وكانت امرأة لِلْمَسَاكِينِ تَرْحَمُهُمْ وَتَتَصَدَّقُ عَلَيْهِمْ وَتُعْطِيهِمْ، فقالت لِفِرْعَوْنَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ إِلَى جَنْبِهِ: هَذَا الْوَلِيدُ أَكْبَرُ مِنِ ابْنِ سنة وإنما أمرت أن تذبح الْوِلْدَانُ لِهَذِهِ السَّنَةِ فَدَعْهُ يَكُونُ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ، لَا تَقْتُلُوهُ، وَرُوِيَ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ إِنَّهُ أَتَانَا مَنْ أَرْضٍ أُخْرَى لَيْسَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، أَنَّ هَلَاكَهُمْ عَلَى يَدَيْهِ فَاسْتَحْيَاهُ فِرْعَوْنُ وَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ مَحَبَّتَهُ وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ عَسَى أَنْ يَنْفَعَكِ فَأَمَّا أَنَا فَلَا أُرِيدُ نَفْعَهُ، قَالَ وَهْبٌ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَوْ أَنَّ عَدُوَّ اللَّهِ قَالَ فِي مُوسَى كَمَا قَالَتْ آسِيَةُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا لَنَفَعَهُ اللَّهُ وَلَكِنَّهُ أَبَى لِلشَّقَاءِ الَّذِي كتبه الله عليه.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً، أَيْ خَالِيًا مَنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ ذِكْرِ موسى، وهمه.
هذا قول أكثر المفسرين.

١٦٠٩- أخرجه الطبري ٢٧١٨٨ من حديث ابن عباس، وإسناده ضعيف، وعلته أصبغ بن زيد وهو بعض حديث الفتون أخرجه النسائي في «التفسير» ٣٤٦ وأبو يعلى ٢٦١٨ والطحاوي في «المشكل» ٦٦ من حديث ابن عباس مطوّلا، وهو حديث ضعيف مداره على أصبغ بن زيد تفرد به، وهو غير حجة.
وللفظ المصنف شاهد مرسل أخرجه الطبري ٢٧١٨٥ عن محمد بن قيس مرسلا ومع إرساله فيه أبو معشر، واسمه نجيح، وهو ضعيف، والراجح كونه موقوفا على ابن عباس وأنه أخذه عن أهل الكتاب.


الصفحة التالية
Icon