أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حِمْدَانَ حدثنا إبراهيم بن شهلويه [١] حدثنا الحسن بن عرفة أنا الْمُحَارِبِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ من يجوز ذلك».
قوله: وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ، يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقِيلَ: الْقُرْآنُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٌ: هو الشيب. معناه: أولم نُعَمِّرْكُمْ حَتَّى شِبْتُمْ. وَيُقَالُ: الشَّيْبُ نَذِيرُ الْمَوْتِ. وَفِي الْأَثَرِ: مَا مِنْ شَعَرَةٍ تَبْيَضُّ إِلَّا قَالَتْ لِأُخْتِهَا اسْتَعِدِّي فَقَدْ قَرُبَ الْمَوْتُ. قوله: فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ.
إِنَّ اللَّهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ
(٣٨).
هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ، أَيْ يَخْلُفُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَقِيلَ: جَعَلَكُمْ أُمَّةً خَلَفَتْ مَنْ قَبْلَهَا. وَرَأَتْ فِيمَنْ قَبْلَهَا، مَا يَنْبَغِي أَنْ تَعْتَبِرَ بِهِ. فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ، أَيْ عَلَيْهِ وَبَالُ كُفْرِهِ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً، غَضَبًا وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً.
[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٤٠ الى ٤٣]
قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً (٤٠) إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤١) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤٢) اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (٤٣)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، أَيْ جَعَلْتُمُوهُمْ شُرَكَائِي بِزَعْمِكُمْ يَعْنِي الْأَصْنَامَ، أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً، قَالَ مُقَاتِلٌ: هَلْ أَعْطَيْنَا كُفَّارَ مَكَّةَ كِتَابًا، فَهُمْ عَلى بيّنات مِنْهُ، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَحَفْصٌ «بَيِّنَةٍ» عَلَى التَّوْحِيدِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ «بَيِّنَاتٍ» عَلَى الْجَمْعِ، يَعْنِي دَلَائِلَ وَاضِحَةً مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ مِنْ ضُرُوبِ الْبَيَانِ. بَلْ إِنْ يَعِدُ، أَيْ مَا يَعِدُ، الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً، وَالْغُرُورُ مَا يَغُرُّ الْإِنْسَانَ مِمَّا لَا أَصْلَ لَهُ، قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي مَا يَعِدُ الشَّيْطَانُ كَفَّارَ بَنِي آدَمَ مِنْ شَفَاعَةِ الْآلِهَةِ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ غرور وباطل.
وصححه الحاكم على شرط مسلم! وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وحسنه الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» ١١/ ٢٤٠ وهو كما قال لأجل محمد بن عمرو فإنه حسن الحديث.
- وأخرجه الترمذي ٢٣٣١ من طريق أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من حديث أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
- قلت: وليس فيه: «وأقلهم من يجوز ذلك»، وأخشى أن يكون مدرجا، فاللحديث شواهد ليس فيها هذه الزيادة، والله تعالى أعلم.
تمّ بحمد الله ومنّه وكرمه تخريج أحاديث الجزء الثالث من تفسير البغوي.
(١) كذا في المخطوطتين، وفي المطبوع «سهويه» وفي- ط- «سهاويه».