وَغَيْرِهَا، وَمِنْها تَأْكُلُونَ، يَعْنِي لُحُومَهَا.
وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ، زِينَةٌ، حِينَ تُرِيحُونَ، أَيْ: حِينَ تَرُدُّونَهَا بِالْعَشِيِّ مِنْ مَرَاعِيهَا إِلَى مَبَارِكِهَا الَّتِي تَأْوِي إِلَيْهَا، وَحِينَ تَسْرَحُونَ، أَيْ: تُخْرِجُونَهَا بِالْغَدَاةِ مِنْ مَرَاحِهَا إِلَى مَسَارِحِهَا، وَقَدَّمَ الرَّوَاحَ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تُؤْخَذُ مِنْهَا بَعْدَ الرَّوَاحِ، وَمَالِكُهَا يَكُونُ أَعْجَبَ بِهَا إِذَا رَاحَتْ.
وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ، أَحْمَالَكُمْ، إِلى بَلَدٍ، آخَرَ غَيْرِ بَلَدِكُمْ. قَالَ عِكْرِمَةُ: الْبَلَدُ مَكَّةُ، لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ، أَيْ: بِالْمَشَقَّةِ وَالْجُهْدِ. وَالشِّقُّ: النِّصْفُ أَيْضًا أَيْ: لَمْ تَكُونُوا بَالِغَيْهِ إِلَّا بِنُقْصَانِ قُوَّةِ النَّفْسِ وَذَهَابِ نِصْفِهَا. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ بِشِقِّ بِفَتْحِ الشِّينِ وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلُ رَطْلٍ وَرِطْلٍ.
إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ، بخلقه حيث جعل لكم هذه المنافع.
وَالْخَيْلَ، يَعْنِي: وَخَلَقَ الْخَيْلَ وَهِيَ اسْمُ جِنْسٍ لَا وَاحِدَ لَهُ من لفظه كالإبل والنساء والسماء.
وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً، يَعْنِي: وَجَعَلَهَا زِينَةً لَكُمْ مَعَ الْمَنَافِعِ الَّتِي فِيهَا. وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ حَرَّمَ لُحُومَ الْخَيْلِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَلًّا هَذِهِ الْآيَةَ، فَقَالَ: هَذِهِ لِلرُّكُوبِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَكَمُ وَمَالُكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى إِبَاحَةِ لُحُومِ الْخَيْلِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَشُرَيْحٍ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ [وَأَحْمَدُ] [١] وَإِسْحَاقُ، وَمَنْ أَبَاحَهَا قَالَ: لَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ بَيَانَ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ بَلِ الْمُرَادُ مِنْهُ تَعْرِيفُ اللَّهِ عِبَادَهُ نِعَمَهُ [٢] وَتَنْبِيهُهُمْ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَاحْتَجُّوا بِمَا:
«١٢٥٢» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] [٣] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا محمد بن إسماعيل ثنا سليمان بن حرب ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو هُوَ ابْنُ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ».
«١٢٥٣» أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْمُظَفَّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّمِيمِيُّ أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ يوسف السهمي أنا أبو
- محمد بن علي هو ابن الحسين، ومشهور ب- الباقر- رضي الله عنه.
- وهو في «شرح السنة» ٢٨٠٤ بهذا الإسناد.
- رواه المصنف من طريق البخاري، وهو في «صحيحه» ٤٢١٩ عن سليمان بن حرب بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٥٥٢٠ و٥٥٢٤ ومسلم ١٩٤١ وأبو داود ٣٧٨٨ والنسائي ٧/ ٢٠١ وأحمد ٣/ ٣٦١ والدارمي ٣/ ٨٧ وابن الجارود ٨٨٥ وابن حبان ٥٢٧٣ والطحاوي ٤/ ٢٠٤ والبيهقي ٩/ ٣٢٦- ٣٢٧ من طرق عن حماد بن زيد به.
١٢٥٣- صحيح. الحسن بن الفرج، قد توبع هو ومن دونه، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم غير عمرو بن خالد وهو الرّقي، فإنه من رجال البخاري، عبيد الله هو ابن عمرو الجزري الرّقي، عبد الكريم هو ابن مالك الجزري.
- وهو في «شرح السنة» ٢٨٠٥ بهذا الإسناد.
- وأخرجه النسائي ٧/ ٢٠١ من طريق عبيد الله بن عمرو بهذا الإسناد، ولم يذكر عجز الحديث.
- وأخرجه ابن ماجه ٣١٩٧ وعبد الرزاق ٨٧٣٣ والطحاوي ٤/ ٢١١ والدارقطني ٤/ ٢٨٨ والبيهقي ٩/ ٣٢٧ من طرق عن عطاء به، فهو صحيح.
- وأخرجه أبو داود ٣٧٨٩ وأحمد ٣/ ٣٥٦ والدار ققطني ٤/ ٢٨٩ وابن حبان ٥٢٧٣ والبيهقي ٩/ ٣٢٧ من طرق عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أبي الزبير عن جابر بنحوه، وصححه الحاكم ٤/ ٢٣٥ ووافقه الذهبي.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «نعمته».
(٣) زيادة عن المخطوط.