وَعَلاماتٍ، يَعْنِي: مَعَالِمَ الطُّرُقِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: هَاهُنَا تَمَّ الْكَلَامُ ثُمَّ ابْتَدَأَ، وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَالْكَلْبِيُّ: أَرَادَ بالعلامات النجوم [١] والجبال [فالجبال] [٢] عَلَامَاتِ النَّهَارِ وَالنُّجُومُ عَلَامَاتُ اللَّيْلِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَرَادَ بِالْكُلِّ النُّجُومَ مِنْهَا مَا يَكُونُ عَلَامَاتٍ وَمِنْهَا مَا يَهْتَدُونَ بِهِ. قَالَ السُّدِّيُّ: أراد بالنجوم الثُّرَيَّا وَبَنَاتِ نَعْشٍ وَالْفَرْقَدَيْنِ وَالْجَدْيَ يهتدون بِهَا إِلَى الطُّرُقِ وَالْقِبْلَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ:
إِنَّمَا خَلْقَ اللَّهُ النُّجُومَ لِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ لِتَكُونَ زِينَةً لِلسَّمَاءِ وَمَعَالِمَ لِلطُّرُقِ وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ. فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَقَدْ تَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ.
أَفَمَنْ يَخْلُقُ، يَعْنِي: اللَّهَ تَعَالَى، كَمَنْ لَا يَخْلُقُ، يَعْنِي: الْأَصْنَامَ، أَفَلا تَذَكَّرُونَ.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ١٨ الى ٢٣]
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ (١٩) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٢١) إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٢٢)
لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (٢٣)
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ لِتَقْصِيرِكُمْ فِي شُكْرِ نِعَمِهِ [٣]، رَحِيمٌ بِكُمْ حَيْثُ وَسَّعَ عَلَيْكُمُ النِّعَمَ وَلَمْ يقطعها عنكم بالتقصير والمعاصي.
وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ (١٩).
وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يَعْنِي: الْأَصْنَامَ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ يَدْعُونَ بِالْيَاءِ. لَا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ.
أَمُوتُ أَيِ الْأَصْنَامُ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ، يَعْنِي: الْأَصْنَامَ أَيَّانَ مَتَى يُبْعَثُونَ، وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْنَامَ تُبْعَثُ وَتُجْعَلُ فِيهَا الْحَيَاةُ [٤] فتتبرأ من عابديها. وقيل: وما يَدْرِي الْكُفَّارُ عَبَدَةُ الْأَصْنَامِ مَتَى يُبْعَثُونَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ، جَاحِدَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ، مستعظمون [٥].
لَا جَرَمَ، حَقًّا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ.
«١٢٥٦» أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بن محمد بن محمش البسطامي أنا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
- وهو في «شرح السنة» ٣٤٨١ بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم ٩١ والترمذي ١٩٩٩ وأبو عوانة ١/ ٣١ وابن خزيمة في «التوحيد» ص ٣٨٤ وابن مندة في «الإيمان» ٥٤٠ و٥٤١ من طرق عن أبان بن تغلب به.
(١) في المطبوع «الجبال».
(٢) في المطبوع «تكون».
(٣) في المخطوط «نعمته».
(٤) في المخطوط «الروح».
(٥) في المطبوع وط «متعظمون».