هَذَا، يَعْنِي هَذَا الْقُرْآنَ، هُدىً، بَيَانٌ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ.
[سورة الجاثية (٤٥) : الآيات ١٢ الى ١٧]
اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١٣) قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١٥) وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٦)
وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٧)
اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، وَمَعْنَى تَسْخِيرِهَا أَنَّهُ خَلَقَهَا لِمَنَافِعِنَا فَهُوَ مُسَخَّرٌ لَنَا مِنْ حَيْثُ إِنَّا نَنْتَفِعُ بِهِ، جَمِيعاً مِنْهُ، فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَمِيعًا مِنْهُ كُلُّ ذَلِكَ رَحْمَةً مِنْهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ ذَلِكَ تَفَضُّلٌ مِنْهُ وَإِحْسَانٌ. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.
قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ، أَيْ لَا يَخَافُونَ من وَقَائِعَ اللَّهِ وَلَا يُبَالُونَ نِقْمَتَهُ.
«١٩٠٨» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ شَتْمَهُ بِمَكَّةَ فَهَمَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنْ يَبْطِشَ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ.
وَقَالَ الْقُرَظِيُّ وَالسُّدِّيُّ: نَزَلَتْ [١] فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَهْلِ مَكَّةَ كَانُوا فِي أَذًى شَدِيدٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْمَرُوا بِالْقِتَالِ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ.
لِيَجْزِيَ قَوْماً، قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ لِنَجْزِيَ بِالنُّونِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ، أَيْ لِيَجْزِيَ اللَّهُ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ لِيَجْزِيَ بِضَمِّ الْيَاءِ الْأُولَى جزم [٢] الثَّانِيَةِ وَفَتْحِ الزَّايِ، قَالَ أَبُو عمرو: وهو

١٩٠٨- أثر ابن عباس ذكره المصنف هاهنا تعليقا، وله في أول الكتاب أسانيد متعددة عن ابن عباس، وأكثرها واه بمرة، وتفرد المصنف به دليل وهنه أو بطلانه حيث لم أجده عند غيره، ولا ذكره السيوطي في «الدر» ولا ابن كثير في «التفسير».
- وأثر مقاتل، إسناده إليه أول الكتاب، وهو مرسل، ومقاتل إن كان ابن حبان فقد روى مناكير، وإن كان ابن سليمان، فهو كذاب.
- وأثر القرظي، فسنده إليه أول الكتاب، ومع إرساله هو من طريق أبي معشر وهو ضعيف.
- وأثر السدي ساقه هاهنا تعليقا كسابقه، وإسناده إليه أول الكتاب.
وأخرج الطبري ٣١١٨٥ بسند فيه مجاهيل عن ابن عباس نحوه.
- الخلاصة: كون السورة نزلت في عمر، واه بمرة، والقول الثاني أقرب للصواب، وإن لم يصح بوجه من الوجوه، والله أعلم.
(١) في المطبوع «نزل» والمثبت عن ط والمخطوط.
(٢) في المطبوع «سكون» والمثبت عن المخطوط.


الصفحة التالية
Icon