الشّحر [١] والأحقاف جَمْعُ حِقْفٍ وَهِيَ الْمُسْتَطِيلُ الْمُعْوَجُّ مِنَ الرِّمَالِ.
قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هِيَ مَا اسْتَطَالَ مِنَ الرَّمْلِ كَهَيْئَةِ الْجَبَلِ وَلَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَكُونَ جَبَلًا، قَالَ الْكِسَائِيُّ: هِيَ ما استدار من الرمال، وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ، مَضَتِ الرُّسُلُ، مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، أَيْ مِنْ قَبْلِ هُودٍ، وَمِنْ خَلْفِهِ، إِلَى قَوْمِهِمْ، أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ.
قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا، لِتَصْرِفَنَا، عَنْ آلِهَتِنا، أَيْ عَنْ عِبَادَتِهَا، فَأْتِنا بِما تَعِدُنا، مِنَ الْعَذَابِ، إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ، أَنَّ العذاب نازل بنا.
قالَ، هُودٌ، إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِيكُمُ الْعَذَابُ، وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ، من الوحي إليكم، وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ.
فَلَمَّا رَأَوْهُ، يَعْنِي مَا يُوعَدُونَ بِهِ مِنَ الْعَذَابِ، عارِضاً، سَحَابًا يَعْرِضُ أَيْ يَبْدُو فِي نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ ثُمَّ يُطَبِّقُ السَّمَاءَ، مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ، فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ مِنْ وَادٍ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ الْمُغِيثُ، وَكَانُوا قَدْ حُبِسَ عَنْهُمُ الْمَطَرُ، فَلَمَّا رَأَوْهَا اسْتَبْشَرُوا، قالُوا هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنا، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:
بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ، فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَحْمِلُ الْفُسْطَاطَ وَتَحْمِلُ الظَّعِينَةَ حَتَّى تُرَى كَأَنَّهَا جَرَادَةٌ.
تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ، مَرَّتْ بِهِ مِنْ رِجَالِ عَادٍ وَأَمْوَالِهَا، بِأَمْرِ رَبِّها، فَأَوَّلُ مَا عَرَفُوا أَنَّهَا عَذَابٌ رَأَوْا مَا كَانَ خَارِجًا مِنْ دِيَارِهِمْ مِنَ الرِّجَالِ وَالْمَوَاشِي تَطِيرُ بِهِمُ الرِّيحُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَدَخَلُوا بُيُوتَهُمْ وَأَغْلَقُوا أَبْوَابَهُمْ فَجَاءَتِ الرِّيحُ فَقَلَعَتْ أَبْوَابَهُمْ وَصَرَعَتْهُمْ، وَأَمَرَ اللَّهُ الرِّيحَ فَأَمَالَتْ عَلَيْهِمُ الرمال، وكانوا تَحْتَ الرَّمْلِ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، لَهُمْ أَنِينٌ، ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ الرِّيحَ فَكَشَفَتْ عَنْهُمُ الرِّمَالَ فَاحْتَمَلَتْهُمْ فَرَمَتْ بِهِمْ فِي الْبَحْرِ.
«١٩٢٤» أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ [٢] الإِسْفَرَاينِيُّ أَنَا أَبُو عُوَانَةَ يَعْقُوبُ بن إسحاق الحافظ أنا يونس أنا ابن وهب أنا عمرو بن الحارث [أن] [٣] أبا النَّضْرُ حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَجْمِعًا ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ بَيَاضَ لَهَوَاتِهِ، وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا، رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ، وَإِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةُ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ، قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا: هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنا، الآية».
«١٩٢٥» أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ الإسفرايني أنا

١٩٢٤- إسناده صحيح على شرط مسلم، حيث تفرد عن يونس، لكن توبع، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
- يونس هو ابن عبد الأعلى، ابن وهب هو عبد الله، أبو النضر هو سالم بن أبي أمية.
- وهو في «شرح السنة» ١١٤٥ بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٤٨٢٨ و٤٨٢٩ ومسلم ٨٩٩ ح ١٦ من طريق ابن وهب بهذا الإسناد.
- وتقدم في سورة النمل عند آية: ١٩.
١٩٢٥- صحيح. يوسف ثقة، وقد توبع ومن دونه، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.-[.....]
(١) في المخطوط (ب) «الشجر» وفي المخطوط (أ) «السحر».
(٢) في المخطوط (ب) «الحسين».
(٣) زيادة عن المخطوط.


الصفحة التالية
Icon