أبو عوانة ثنا يوسف هو ابن [سعيد بن] [١] مسلّم ثنا حجاج عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ قال: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة تغير وجهه وتلون، ودخل وخرج وأقبل وأدبر، فإذا أمطرت السماء سري عنه، قالت: وذكرت له الذي رأيت، قال: «وما يدريك لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنا الْآيَةَ».
فَأَصْبَحُوا لَا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ، قَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَيَعْقُوبُ يُرَى، بِضَمِّ الْيَاءِ مَساكِنُهُمْ بِرَفْعِ النُّونِ يَعْنِي لَا يُرَى شَيْءٌ إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ وَفَتْحِهَا، مَسَاكِنَهُمْ نَصْبٌ يَعْنِي لَا تَرَى أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ إِلَّا مَسَاكِنَهُمْ لِأَنَّ السُّكَّانَ وَالْأَنْعَامَ بَادَتْ بِالرِّيحِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا هُودٌ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ. كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ.
[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٢٦ الى ٢٨]
وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحاقَ بِهِمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٢٦) وَلَقَدْ أَهْلَكْنا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٧) فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨)
وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ، يَعْنِي فِيمَا لَمْ نُمَكِّنْكُمْ فِيهِ مِنْ قُوَّةِ الْأَبْدَانِ وَطُولِ الْعُمْرِ وَكَثْرَةِ الْمَالِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: (مَا) فِي قَوْلِهِ فِيما بمنزلة الذي، وإِنْ بِمَنْزِلَةِ مَا، وَتَقْدِيرُهُ: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الَّذِي مَا مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ. وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحاقَ بِهِمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٢٦).
وَلَقَدْ أَهْلَكْنا مَا حَوْلَكُمْ، يَا أَهْلَ مَكَّةَ، مِنَ الْقُرى، كَحِجْرٍ ثَمُودٍ وَأَرْضِ سَدُومَ وَنَحْوِهِمَا، وَصَرَّفْنَا الْآياتِ الْحُجَجَ وَالْبَيِّنَاتِ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، عَنْ كُفْرِهِمْ فَلَمْ يَرْجِعُوا، فَأَهْلَكْنَاهُمْ يخوّف مشركي مكة.
فَلَوْلا، فَهَلَّا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً، يَعْنِي الأوثان التي اتَّخَذُوهَا آلِهَةً يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، الْقُرْبَانُ كُلُّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَجَمْعُهُ قَرَابِينُ، كَالرُّهْبَانِ وَالرَّهَابِينِ: بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ، قَالَ مُقَاتِلٌ بَلْ ضَلَّتِ الْآلِهَةُ عَنْهُمْ فَلَمْ تَنْفَعْهُمْ عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ، أَيْ كَذِبُهُمُ الَّذِي كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّهَا تُقَرِّبُهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَشْفَعُ لَهُمْ، وَما كانُوا يَفْتَرُونَ، يَكْذِبُونَ أنها آلهة.
- وهو في «شرح السنة» ١١٤٧ بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٣٢٠٦ ومسلم ٨٩٩ ح ١٥ والترمذي ٣٢٥٤ وأحمد ٦/ ٣٤٠- ٣٤١ وأبو يعلى ٤٧١٣ من طرق عن ابن جريج به.
- وأخرجه مسلم ٨٩٩ وابن حبان ٦٥٨ والبيهقي ٣/ ٣٦١ من طريق محمد بن جعفر عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ به.
(١) زيادة عن كتب التراجم.