وَهُوَ مَعْنَى الطَّمْسِ كَمَا قَالَ الله: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ [الْبَقَرَةِ: ٢٠] يَقُولُ: كَمَا أَعْمَيْنَا قُلُوبَهُمْ لَوْ شِئْنَا أَعْمَيْنَا أَبْصَارَهُمُ الظَّاهِرَةَ، فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ، فَتَبَادَرُوا إِلَى الطَّرِيقِ، فَأَنَّى يُبْصِرُونَ، فَكَيْفَ يُبْصِرُونَ وَقَدْ أَعْمَيْنَا أَعْيُنَهُمْ؟ يَعْنِي: لَوْ نَشَاءُ لَأَضْلَلْنَاهُمْ عَنِ الْهُدَى، وَتَرَكْنَاهُمْ عُمْيًا يَتَرَدَّدُونَ، فَكَيْفَ يُبْصِرُونَ الطَّرِيقَ حِينَئِذٍ؟ هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَالسُّدِّيِّ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ وَعَطَاءٌ: مَعْنَاهُ لَوْ نَشَاءُ لَفَقَأْنَا أَعْيُنَ ضَلَالَتِهِمْ، فَأَعْمَيْنَاهُمْ عَنْ غَيِّهِمْ، وَحَوَّلْنَا أَبْصَارَهُمْ مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى الْهُدَى، فَأَبْصَرُوا رُشْدَهُمْ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ وَلَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ بِهِمْ؟
وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ، يَعْنِي مَكَانَهُمْ، يُرِيدُ: لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَقِيلَ: لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُمْ حِجَارَةً، وَهُمْ قُعُودٌ فِي مَنَازِلِهِمْ لَا أَرْوَاحَ لَهُمْ. فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ، يعني إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا يَقْدِرُونَ عَلَى ذَهَابٍ وَلَا رُجُوعٍ.
وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ، قرأ عاصم وحمزة بِالتَّشْدِيدِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ النُّونِ الْأُولَى وَضَمِّ الْكَافِ مُخَفَّفًا، أَيْ نَرُدُّهُ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ شِبْهَ الصَّبِيِّ فِي أَوَّلِ الْخَلْقِ: وَقِيلَ: نُنَكِّسُهُ فِي الْخَلْقِ أَيْ نُضْعِفُ جَوَارِحَهُ بَعْدَ قُوَّتِهَا وَنَرُدُّهَا إِلَى نُقْصَانِهَا بَعْدَ زِيَادَتِهَا. أَفَلا يَعْقِلُونَ، فَيَعْتَبِرُوا وَيَعْلَمُوا أَنَّ الَّذِي قَدَرَ عَلَى تَصْرِيفِ أَحْوَالِ الْإِنْسَانِ يَقْدِرُ عَلَى الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ قَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا شَاعِرٌ، وَمَا يَقُولُهُ شِعْرٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَكْذِيبًا لَهُمْ: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ أَيْ مَا يَتَسَهَّلُ لَهُ ذَلِكَ وَمَا كَانَ يَتَّزِنُ لَهُ بَيْتٌ مِنْ الشعر، حَتَّى إِذَا تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ مُنْكَسِرًا.
«١٧٨٩» أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَبُو إسحاق الثعلبي أنا الحسين بن محمد الثقفي أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حِمْدَانَ [١] ثنا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ماهان أَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ [٢] زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ:
كَفَى بِالْإِسْلَامِ وَالشَّيْبِ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ [٣] إِنَّمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
كَفَى الشَّيْبُ والإسلام لِلْمَرْءِ نَاهِيًا فَقَالَ [٤] أَبُو بَكْرٍ وَعُمْرُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ.
«١٧٩٠» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ أَنَا أَبُو القاسم

١٧٨٩- إسناده ضعيف جدا، وله علل ثلاث: الأولى: ضعف علي بن زيد، والثانية: الإرسال، والثالثة: مراسيل الحسن واهية كما هو مقرر في كتب علم الحديث.
- وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ١/ ٢٩٨- ٢٩٠ من طريق حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بن زيد عن الحسن به.
- وأخرجه الواحدي في «الوسيط» ٣/ ٥١٨ من طريق حماد عن علي بن زيد أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم... فذكره.
١٧٩٠- صحيح. إسناده حسن في المتابعات لأجل شريك فإنه صدوق لكن تغير حفظه لما تولى القضاء، وقد توبع وللحديث شاهد، وباقي الإسناد على شرط الصحيح. [.....]
(١) في المطبوع «همدان» والمثبت عن المخطوط.
(٢) زيد في المطبوع «علي بن همدان حدثنا يوسف بن أبي زيد» والتصويب عن «ط» والمخطوط.
(٣) في المخطوط «نبي الله» والمعنى واحد.
(٤) في المخطوط «ثم قال» والمعنى واحد.


الصفحة التالية
Icon