مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا مُحَمَّدُ بن سنان ثنا فُلَيْحٌ حَدَّثَنِي هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ، قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟ قَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «إِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظَرِ السَّاعَةَ» : قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: «إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظَرِ السَّاعَةَ».
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ، فَمِنْ أَيْنَ لَهُمُ التَّذَكُّرُ وَالِاتِّعَاظُ وَالتَّوْبَةُ إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ، نَظِيرُهُ: يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى [الفجر: ٢٣].
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ، قِيلَ: الْخِطَابُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرَهُ، وَقِيلَ:
مَعْنَاهُ فَاثْبُتْ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: فَازْدَدْ عِلْمًا عَلَى عِلْمِكَ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَابْنُ عُيَيْنَةَ: هُوَ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ مَعْنَاهُ: إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَفْزَعَ عِنْدَ قِيَامِهَا إِلَّا إِلَى اللَّهِ. وَقِيلَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَنَّ الْمَمَالِكَ تَبْطُلُ عِنْدَ قِيَامِهَا فَلَا مُلْكَ ولا حكم لأحد إلّا الله.
وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ، أَمْرٌ بِالِاسْتِغْفَارِ مَعَ أَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ لِتَسْتَنَّ بِهِ أمته.
«١٩٤٢» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ [١] أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ أنا أبو جعفر الرَّيَّانِيُّ ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ ثنا سليمان بن حرب ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنِ الْأَغَرِّ الْمُزْنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لِأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي كُلِّ يَوْمٍ [٢] مِائَةَ مَرَّةٍ».
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ، هَذَا إِكْرَامٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ حَيْثُ [٣] أَمَرَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِذُنُوبِهِمْ وَهُوَ الشَّفِيعُ الْمُجَابُ فِيهِمْ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ:
مُتَقَلَّبَكُمْ مُتَصَرَّفُكُمْ وَمُنْتَشَرُكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا، (وَمَثْوَاكُمْ) مَصِيرُكُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ إِلَى النَّارِ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَابْنُ جَرِيرٍ: (متقلبكم) متصرفكم لِأَشْغَالِكُمْ بِالنَّهَارِ (وَمَثْوَاكُمْ) مَأْوَاكُمْ إِلَى مَضَاجِعِكُمْ بِاللَّيْلِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مُتَقَلَّبَكُمْ مِنْ أَصْلَابِ الْآبَاءِ إِلَى أَرْحَامِ الْأُمَّهَاتِ وَمَثْوَاكُمْ مَقَامُكُمْ فِي الْأَرْضِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: (مُتَقَلَّبَكُمْ) مِنْ ظَهْرٍ إِلَى بَطْنٍ (وَمَثْوَاكُمْ) مَقَامُكُمْ فِي الْقُبُورِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ عَالِمٌ بِجَمِيعِ أَحْوَالِكُمْ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شيء منها.

- وهو في «شرح السنة» ٤١٢٧ بهذا الإسناد.
- وهو في «صحيح البخاري» ٥٩ و٦٤٩٦ عن محمد بن سنان بهذا الإسناد.
- وأخرجه أحمد ٤/ ٣٦١ وابن حبان ١٠٤ والبيهقي ١٠/ ١١٨ من طرق عن فليح به.
١٩٤٢- صحيح. حميد ثقة، وقد توبع ومن دونه، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
- ثابت هو ابن أسلم، أبو بردة هو ابن أبي موسى الأشعري، مشهور بكنيته، الأغر هو ابن عبد الله.
- وهو في «شرح السنة» ١٢٨٠ بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم ٢٧٠٢ ح ٤١ وأبو داود ١٥١٥ وأحمد ٤/ ٢٦٠ وابن حبان ٩٣١ من طرق عن حماد بن زيد به.
- وأخرجه النسائي في «عمل اليوم والليلة» ٤٤٢ والطبراني ٨٨٨ من طريق حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ البناني به.
- وأخرجه الطبراني ٨٨٩ من طريق هشام بن حسان عن ثابت البناني به.
(١) زيد في المطبوع «أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النعيمي».
(٢) في المخطوط (أ) «في اليوم».
(٣) في المخطوط (أ) «حين». [.....]


الصفحة التالية
Icon