حَفِيدُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْزَةَ ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ ثَنَا عفان ثنا همام ثنا قتادة ثنا أَنَسٌ قَالَ: نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١) إِلَى آخَرَ الْآيَةِ، مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَصْحَابُهُ مُخَالِطُهُمُ الْحُزْنُ وَالْكَآبَةُ، فَقَالَ: «نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا»، فَلَمَّا تَلَاهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَنِيئًا مَرِيئًا لَكَ قَدْ بيّن الله مَا يُفْعَلُ بِكَ، فَمَاذَا يُفْعَلُ بنا؟ فأنزل الله هذه الْآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، حتى ختم الآية.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١)، اختلفوا في هذا الفتح، وروي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ فَتْحُ مَكَّةَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فَتْحُ خَيْبَرَ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ، وَمَعْنَى الْفَتْحِ فَتْحُ الْمُنْغَلِقِ، وَالصُّلْحُ مَعَ الْمُشْرِكِينَ بِالْحُدَيْبِيَةِ كَانَ مُتَعَذِّرًا حَتَّى فَتَحَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
وروى شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١)، قال: صلح الحديبية.
«١٩٤٨» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثنا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: تَعُدُّونَ أَنْتُمُ الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الْفَتْحَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عَشَرَةَ مِائَةٍ، وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ، فَنَزَحْنَاهَا فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهَا فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَدَعَا ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا مَا شِئْنَا نَحْنُ وَرِكَابُنَا.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ فِي قَوْلِهِ: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١)، قَالَ: فَتْحُ الحديبية، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَأُطْعِمُوا نَخْلَ خَيْبَرَ وَبَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وَظَهَرَتِ الرُّومُ عَلَى فَارِسٍ، فَفَرِحَ الْمُؤْمِنُونَ بِظُهُورِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى الْمَجُوسِ.
قَالَ الزَّهْرِيُّ: لَمْ يَكُنْ فَتْحٌ أَعْظَمَ مِنْ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ اخْتَلَطُوا بِالْمُسْلِمِينَ فَسَمِعُوا كَلَامَهُمْ فَتَمَكَّنَ الْإِسْلَامُ فِي قُلُوبِهِمْ أَسْلَمَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَكَثُرَ بِهِمْ سَوَادُ الْإِسْلَامِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١)، أَيْ قَضَيْنَا لَكَ قَضَاءً بَيِّنًا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا بِغَيْرِ قِتَالٍ، وَكَانَ الصُّلْحُ من الفتح المبين، قِيلَ: اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِيَغْفِرَ لَامُ كَيْ مَعْنَاهُ إِنَّا فَتْحُنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِكَيْ يَجْتَمِعَ لَكَ مَعَ الْمَغْفِرَةِ تَمَامُ النِّعْمَةِ فِي الْفَتْحِ. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الفضل: هو مردود
- وأخرجه مسلم ١٧٨٦ والطبري ٣١٤٥٢ والواحدي في «الوسيط» ٤/ ١٣٢- ١٣٣ من طريق سليمان بن طرخان.
- وأخرجه الطبري ٣١٤٥٣ من طريق سعيد بن أبي عروبة.
- كلهم عن قتادة به.
- وأخرجه ابن حبان ٣٧١ من طريق سفيان عن الحسن عن أنس به.
١٩٤٨- إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
- إسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحق السبيعي، أبو إسحق هو عمرو بن عبد الله.
- وهو في «شرح السنة» ٣٦٩٥ بهذا الإسناد.
- وهو في «صحيح البخاري» ٤١٥٠ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بهذا الإسناد.
- وأخرجه ابن حبان ٤٨٠١ من طريق عبيد الله بن موسى بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٣٥٧٧ وأحمد ٤/ ٢٩٠ والطحاوي في «المشكل» ٢٥٨٧ والطبري ٣١٤٦٢ مختصرا وأبو نعيم في «الدلائل» ٣١٨ والبيهقي ٩/ ٢٢٣ من طرق عن إسرائيل به.
- وأخرجه البخاري ٤١٥١ وابن أبي شيبة ١٤/ ٤٣٥ وأبو يعلى ١٦٥٥ من طرق عن أبي إسحاق به.