«يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ:
«وَالْمُقَصِّرِينَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَ ظَاهَرْتَ التَّرَحُّمَ لِلْمُحَلِّقِينَ دُونَ الْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ «لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا».
قال ابن عمر: وذلك أنه تَرَبَّصَ قَوْمٌ وَقَالُوا لَعَلَّنَا نَطُوفُ بِالْبَيْتِ.
«١٩٧٥» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَهْدَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي هَدَايَاهُ جَمَلًا لِأَبِي جَهْلٍ فِي رَأْسِهِ بُرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ لِيَغِيظَ الْمُشْرِكِينَ بِذَلِكَ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ [١] : ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ، حَتَّى بَلَّغَ بِعِصَمِ الْكَوافِرِ [الْمُمْتَحِنَةِ: ١٠]، فَطَلَّقَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشرك، فتزوج أحدهما معاوية بن أبي سفيان، الأخرى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، قَالَ: فَنَهَاهُمْ أَنْ يَرُدُّوا النِّسَاءَ، وَأَمَرَ بِرَدِّ الصَّدَاقِ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ عُتْبَةُ بْنُ أُسَيْدٍ، رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَكَانَ مِمَّنْ حُبِسَ بِمَكَّةَ فَكَتَبَ فِيهِ أَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ عَوْفٍ وَالْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ الثَّقَفِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعَثَا فِي طَلَبِهِ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرِ بن لؤي، وَقَالَا: الْعَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ إِنَّا قَدْ أَعْطَيْنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ ما قد علمت، ولا يصلح [٢] فِي دِينِنَا الْغَدْرُ وَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا جَيِّدًا فَاسْتَلَّهُ الآخر من غمده، فَقَالَ: أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لِجَيِّدٌ لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ به، فقال أبو بصير: وأرني أنظر إليه، فأخذه [٣] وعلا بِهِ فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الْآخَرُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ: لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيْلَكَ مالك» قال: قتل الله صاحبي وإني لمقتول، فو الله مَا بَرِحَ حَتَّى طَلَعَ أَبُو بَصِيرٍ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، فقال: يا
- وكذا أخرجه الطبراني ١٤٩٢ من طريق ابن مؤمل عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وابن مؤمل سيئ الحفظ، لكن يصلح للاعتبار بحديثه.
- وأخرجه البخاري ١٧٢٧، ومسلم ١٣٠١ وأبو داود ١٩٧٩ والترمذي ٩١٣ وابن ماجه ٣٠٤٣ وابن خزيمة ٢٩٢٩ وأحمد ٢/ ٧٩ والطيالسي ١٨٣٥ والدارمي ٢/ ٦٤ وابن حبان ٣٨٨٠ والطحاوي ١٣٦٢ والبيهقي ٥/ ١٠٣ والبغوي في «شرح السنة» ١٩٥٤ من طرق عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، دون عجزه، وهو قوله «قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَ ظاهرت... ».
- وكذا أخرجه البخاري ١٧٢٨ ومسلم ١٣٠٢ وأحمد ٢/ ٢٣١ والطحاوي ١٣٦٣ والبيهقي ٥/ ١٣٤ من حديث أبي هريرة.
الخلاصة: صدر الحديث صحيح، وعجزه ضعيف، والصواب موقوف. [.....]
١٩٧٥- حسن. أخرجه البيهقي في «الدلائل» ٤/ ١٥٢ من طريق ابن إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابن عباس به، وفيه عنعنة ابن إسحق.
- لكن ورد من وجه آخر، أخرجه البيهقي ٤/ ١٥١/ ١٥٢ بسند ضعيف، لكن يصلح للاعتبار به.
(١) هو تابع للحديث المتقدم برقم: ١٩٧٠.
(٢) في المطبوع «يصح» والمثبت عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «فأخذوه» والمثبت عن المخطوط.