وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩)، قَالَ الضحاك: لو تكفر فيكفرون. وقال الْكَلْبِيُّ: لَوْ تَلِينُ لَهُمْ فَيَلِينُونَ لَكَ. قَالَ الْحَسَنُ: لَوْ تُصَانِعُهُمْ في دينك فيصانعون فِي دِينِهِمْ. قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: لَوْ تُنَافِقُ وَتُرَائِي فَيُنَافِقُونَ ويراؤون. قال ابن قتيبة: أرادوا على أَنْ تَعْبُدَ آلِهَتَهُمْ مُدَّةً وَيَعْبُدُونَ اللَّهَ مُدَّةً.
وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ، كَثِيرِ الْحَلِفِ بِالْبَاطِلِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ. وَقِيلَ:
الْأُسُودُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ: وَقَالَ عطاء: الأخنس بن شريق. قوله: مَهِينٍ، ضَعِيفٍ حَقِيرٍ. قِيلَ: هُوَ فَعِيلٌ مِنَ الْمَهَانَةِ وَهِيَ قِلَّةُ الرَّأْي وَالتَّمْيِيزِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَذَّابٌ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يَكْذِبُ لِمَهَانَةِ نفسه عليه.
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ١١ الى ١٥]
هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كانَ ذَا مالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥)
هَمَّازٍ، مُغْتَابٍ يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ بالطعن والغيبة. وقال الْحَسَنُ هُوَ الَّذِي يَغْمِزُ بِأَخِيهِ في المجلس، كقوله هُمَزَةٍ [الهمزة: ١] مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ، قَتَّاتٍ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ بَيْنَ النَّاسِ لِيُفْسِدَ بَيْنَهُمْ.
مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ، بِخَيْلٍ بِالْمَالِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ أَيْ لِلْإِسْلَامِ يَمْنَعُ وَلَدَهُ وَعَشِيرَتَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ، يَقُولُ: لَئِنْ دَخَلَ وَاحِدٌ مِنْكُمْ فِي دِينِ مُحَمَّدٍ لَا أَنْفَعُهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا. مُعْتَدٍ، ظَلُومٍ يَتَعَدَّى الْحَقَّ، أَثِيمٍ، فَاجِرٍ.
عُتُلٍّ، الْعُتُلُّ: الْغَلِيظُ الْجَافِي. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الْفَاحِشُ الْخُلُقِ السَّيِّئُ الْخُلُقِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ فِي الْبَاطِلِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ الشَّدِيدُ فِي كَفْرِهِ، وَكُلُّ شَدِيدٍ عِنْدَ الْعَرَبِ عُتُلٌّ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْعُتُلِ وَهُوَ الدَّفْعُ بِالْعُنْفِ. قَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: الْعُتُلُّ الْأَكُولُ الشَّرُوبُ القوي الشديد لَا يَزِنُ فِي الْمِيزَانِ شَعِيرَةً، يَدْفَعُ الْمَلَكُ مِنْ أُولَئِكَ سَبْعِينَ أَلْفًا فِي النَّارِ دَفْعَةً وَاحِدَةً. بَعْدَ ذلِكَ، أَيْ مَعَ ذَلِكَ يُرِيدُ مَعَ مَا وَصَفْنَاهُ بِهِ زَنِيمٍ، وَهُوَ الدَّعِيُّ الْمُلْصَقُ بِالْقَوْمِ، وَلَيْسَ مِنْهُمْ، قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ مَعَ هَذَا هُوَ دَعِيٌّ فِي قُرَيْشٍ وَلَيْسَ مِنْهُمْ. قَالَ مُرَّةُ الْهَمْدَانِيُّ: إِنَّمَا ادَّعَاهُ أَبُوهُ بَعْدَ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً. وَقِيلَ:
الزَّنِيمُ الَّذِي لَهُ زَنَمَةٌ كَزَنَمَةِ الشَّاةِ. وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ نُعِتَ فَلَمْ يُعْرَفْ حَتَّى قِيلَ زَنِيمٌ فَعُرِفَ، وَكَانَتْ لَهُ زَنَمَةً فِي عُنُقِهِ يُعْرَفُ بِهَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
[كان] يُعْرَفُ بِالشَّرِّ كَمَا تُعْرَفُ الشَّاةُ بِزَنَمَتِهَا. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: لَا نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ وَصَفَ أَحَدًا وَلَا ذَكَرَ مِنْ عُيُوبِهِ مَا ذَكَرَ مِنْ عُيُوبِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَأَلْحَقَ بِهِ عَارًا لَا يُفَارِقُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
«٢٢٦١» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمْعَانَ الْوَاعِظُ حَدَّثَنِي
- سفيان هو ابن عيينة.
- وهو في «شرح السنة» ٣٤٨٧ بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٤٩١٨ و٦٠٧١ ومسلم ٢٨٥٣ ح ٤٧ والترمذي ٢٦٠٥ وابن ماجه ٤١١٦ وأحمد ٤/ ٣٠٦ من طرق عن سفيان به.
- وأخرجه البخاري ٦٦٥٧ ومسلم ٢٨٥٣ ح ٤٦ والطيالسي ١٢٣٨ وأبو يعلى ١٤٧٧ وابن حبان ٥٦٧٩ والبيهقي ١٠/ ١٩٤ من طرق عن شعبة عن معبد بن خالد به.