الْبَاقِي فَلَمَّا تَمَّ إِنْضَاجُهُ أَتَى أَسِيرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَسَأَلَ فَأَطْعَمُوهُ، وَطَوَوْا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ.
وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ، أَنَّ الْأَسِيرَ كَانَ من أهل الشرك، وفي دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِطْعَامَ الْأَسَارَى وَإِنْ كَانُوا مَنْ أَهْلِ الشِّرْكِ حَسَنٌ يُرْجَى ثَوَابُهُ.
إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً (٩)، وَالشُّكُورُ مَصْدَرٌ كَالْعُقُودِ وَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. إِنَّهُمْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ وَلَكِنْ عَلِمَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ قُلُوبِهِمْ، فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ.
[سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ١٠ الى ١٦]
إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (١٠) فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (١١) وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (١٢) مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (١٣) وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (١٤)
وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً (١٦)
إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً، تَعْبَسُ فِيهِ الْوُجُوهُ مِنْ هوله وشدته، ونسب الْعَبُوسُ إِلَى الْيَوْمِ، كَمَا يُقَالُ يَوْمٌ صَائِمٌ وَلَيْلٌ قَائِمٌ. وَقِيلَ: وُصِفَ الْيَوْمُ بِالْعَبُوسِ لِمَا فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ، قَمْطَرِيراً، قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ: الْقَمْطَرِيرُ الَّذِي يَقْبِضُ الوجوه والجباه بالتعبيس. وقال الْكَلْبِيُّ: الْعَبُوسُ الَّذِي لَا انْبِسَاطَ فيه، والقمطرير: الشَّدِيدُ، قَالَ الْأَخْفَشُ: الْقَمْطَرِيرُ: أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الْأَيَّامِ وَأَطْوَلُهُ فِي الْبَلَاءِ، يُقَالُ: يَوْمٌ قَمْطَرِيرٌ وَقُمَاطِرٌ إِذَا كَانَ شَدِيدًا كَرِيهًا، واقْمَطَرَّ الْيَوْمُ فَهُوَ مُقْمَطِرٌّ.
فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ، الَّذِي يَخَافُونَ، وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً، حُسْنًا فِي وُجُوهِهِمْ، وَسُرُوراً، فِي قُلُوبِهِمْ.
وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا، عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: عَلَى الْفَقْرِ. وَقَالَ عَطَاءٌ:
عَلَى الْجُوعِ. جَنَّةً وَحَرِيراً، قَالَ الْحَسَنُ: أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَأَلْبَسَهُمُ الْحَرِيرَ.
مُتَّكِئِينَ، نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، فِيها، فِي الْجَنَّةِ، عَلَى الْأَرائِكِ، السُّرُرُ فِي الحجال، ولا تكون
- الخلاصة: هو خبر ضعيف، ولم يصب الألباني إذ أدرجه في «الصحيحة» ٩٥٤ وحكم بحسنه، حيث قال عقب قول الترمذي: حسن صحيح: قلت: وإسناده حسن من أجل الخلاف المعروف في ابن عقيل.
ثم ذكر تصحيحه الحاكم، وموافقة الذهبي، وعجب منهما، وقال: هو حسن فقط لما ذكرنا.
- وقد قدمت بين يديك ترجمة الرجل مع اضطرابه في المتن وملخصه أنه ضعيف بسبب سوء حفظه، وأنه غير حجة.
- وأما ما روي عن أحمد وإسحاق، وأنهما احتجّا به، فالجواب أن أحمد أجاب عن مثل هذا بقوله: كنا إذا روينا في الحلال والحرام تشددنا وانتقدنا الرجال، وإذا روينا في الرّقاق، تساهلنا. هذا معنى كلامه، فيكون أحمد وإسحاق رويا عنه في الترغيب والترهيب، بل ولو ورد في الأحكام، لا يعني الاحتجاج به عند وجود خبر صحيح آخر، وإنما المراد كما ورد عن أحمد، الحديث الضعيف أحب إلينا من رأي الرجال.
- خاتمة: الحديث ضعيف من جهة الإسناد والمتن، ووهم الألباني إذ حسنه، والله أعلم.
- وانظر «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي ٦٢٣٤ بتخريجي، ولله الحمد والمنة.