كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠)، يَعْنِي النُّطْفَةَ.
فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١)، يَعْنِي الرَّحِمَ.
إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢)، وَهُوَ وَقْتُ الْوِلَادَةِ.
فَقَدَرْنا، قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْكِسَائِيُّ فَقَدَرْنا بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّقْدِيرِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّخْفِيفِ مِنَ الْقُدْرَةِ، لِقَوْلِهِ: فَنِعْمَ الْقادِرُونَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَقَوْلُهُ: فَنِعْمَ الْقادِرُونَ، أَيِ الْمُقَدِّرُونَ.
[سورة المرسلات (٧٧) : الآيات ٢٤ الى ٣٢]
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥) أَحْياءً وَأَمْواتاً (٢٦) وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ مَاءً فُراتاً (٢٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨)
انْطَلِقُوا إِلى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لَا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢)
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥)، وِعَاءً، وَمَعْنَى الْكَفْتِ: الضَّمُّ وَالْجَمْعُ، يُقَالُ:
كَفَتَ الشَّيْءَ إِذَا ضَمَّهُ وَجَمَعَهُ. وَقَالَ الفَرَّاءُ يُرِيدُ تَكْفِتُهُمْ أَحْيَاءً عَلَى ظَهْرِهَا فِي دُورِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ وَتَكْفِتُهُمْ أَمْوَاتًا في بطنها أي تحوزهم.
وَهُوَ قَوْلُهُ: أَحْياءً وَأَمْواتاً (٢٦) وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ، جِبَالًا شامِخاتٍ، عَالِيَاتٍ، وَأَسْقَيْناكُمْ مَاءً فُراتاً، عَذْبًا.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)، قَالَ مُقَاتِلٌ: وَهَذَا كُلُّهُ أَعْجَبُ مِنَ الْبَعْثِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
انْطَلِقُوا إِلى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩)، فِي الدُّنْيَا.
انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠)، يَعْنِي دُخَانَ جَهَنَّمَ إِذَا ارْتَفَعَ انشعب وافترق ثلاث فرق.
وقبل: يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ فَيَتَشَعَّبُ ثلاث [شعب] [١]، فأما النور فيقف على رؤوس المؤمنين، والدخان يقف على رؤوس الْمُنَافِقِينَ، وَاللَّهَبُ الصَّافِي يَقِفُ عَلَى رؤوس الْكَافِرِينَ.
ثُمَّ وَصَفَ ذَلِكَ الظِّلَّ فقال: لَا ظَلِيلٍ [لَا] [٢] يُظِلُّ مِنَ الْحَرِّ، وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَا يَرُدُّ لَهَبَ جَهَنَّمَ عَنْكُمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ إِذَا اسْتَظَلُّوا بِذَلِكَ الظِّلِّ لَمْ يَدْفَعْ عنهم مر اللَّهَبِ.
إِنَّها، يَعْنِي جَهَنَّمَ، تَرْمِي بِشَرَرٍ، وَهُوَ مَا تَطَايَرَ مِنَ النَّارِ، وَاحِدُهَا شَرَرَةٌ، كَالْقَصْرِ، وَهُوَ الْبِنَاءُ الْعَظِيمُ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَعْنِي الْحُصُونَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بن عياش سألت] [٣] بن عباس عن قوله: إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) قَالَ: هِيَ الْخُشُبُ الْعِظَامُ الْمُقَطَّعَةُ، وَكُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الْخُشُبِ فَنُقَطِّعُهَا ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ وَفَوْقَ ذَلِكَ وَدُونَهُ نَدَّخِرُهَا للشتاء، فكنانسميها الْقَصْرَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ: هِيَ أُصُولُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ الْعِظَامِ، وَاحِدَتُهَا قَصْرَةٌ، مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ، وَجَمْرَةٍ وَجَمْرٍ، وَقَرَأَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ كَالْقَصْرِ
بِفَتْحِ الصَّادِ، أَيْ أَعْنَاقِ النَّخْلِ، وَالْقَصَرَةُ الْعُنُقُ، وجمعها قصر وقصرات.
(٢) سقط من المخطوط.
(٣) زيادة من المخطوط.