يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١)، يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ فِي عِلِّيِّينَ يَشْهَدُونَ وَيَحْضُرُونَ ذَلِكَ الْمَكْتُوبَ، أَوْ ذَلِكَ الْكِتَابَ إِذَا صُعِدَ بِهِ إِلَى عِلِّيِّينَ.
إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣)، إِلَى مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يَنْظُرُونَ إِلَى عَدُوِّهِمْ كَيْفَ يُعَذَّبُونَ.
تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤)، إِذَا رَأَيْتَهُمْ عَرَفْتَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النِّعْمَةِ مِمَّا تَرَى فِي وُجُوهِهِمْ مِنَ النُّورِ وَالْحُسْنِ وَالْبَيَاضِ، قَالَ الْحَسَنُ: النَّضْرَةُ فِي الْوَجْهِ والسرور في القلب، قرأ أَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ تَعْرِفُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى غَيْرِ تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ نَضْرَةَ رَفْعٌ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ نَضْرَةَ نَصْبٌ.
يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ، خَمْرٍ صَافِيَةٍ طَيِّبَةٍ قَالَ مُقَاتِلٌ: الْخَمْرُ الْبَيْضَاءُ. مَخْتُومٍ، خُتِمَ وَمُنِعَ مِنْ أَنْ تَمَسَّهُ يَدٌ إِلَى أن يفك ختمه الأبرار، قال مُجَاهِدٌ: مَخْتُومٍ أَيْ مُطَيَّنٌ.
خِتامُهُ، أَيْ طِينُهُ، مِسْكٌ، كَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: خِتَامُهُ عِنْدَ اللَّهِ مِسْكٌ وختام الدُّنْيَا طِينٌ. [وَقَالَ] [١] ابْنُ مَسْعُودٍ: مَخْتُومٌ أَيْ مَمْزُوجٌ خِتَامُهُ أَيْ آخِرُ طَعْمِهِ، وَعَاقِبَتُهُ مِسْكٌ فَالْمَخْتُومُ الَّذِي لَهُ خِتَامٌ، أَيْ آخِرٌ وَخَتْمُ كُلِّ شَيْءٍ الْفَرَاغُ مِنْهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: يُمْزَجُ لَهُمْ بِالْكَافُورِ وَيُخْتَمُ بِالْمِسْكِ وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ خِتامُهُ مِسْكٌ بِتَقْدِيمِ التَّاءِ، وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ خَاتَمُهُ وَهِيَ قِرَاءَةُ عَلِيٍّ وَعَلْقَمَةَ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ كريم الطابع والطباع والخاتم والختام آخِرُ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ، فَلْيَرْغَبِ الرَّاغِبُونَ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (٦١) [الصَّافَّاتِ: ٦١]، وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: فَلْيَتَنَازَعِ الْمُتَنَازِعُونَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: فَلْيَسْتَبْقِ الْمُسْتَبِقُونَ، وَأَصْلُهُ مِنَ الشَّيْءِ النَّفِيسِ الَّذِي تَحْرِصُ عَلَيْهِ نُفُوسُ النَّاسِ، وَيُرِيدُهُ كُلُّ أَحَدٍ لِنَفْسِهِ وَيُنْفَسُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، أَيْ يضن.
وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧)، شراب يَنْصَبُّ عَلَيْهِمْ مِنْ عُلْوٍ فِي غُرَفِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، وَقِيلَ: يَجْرِي فِي الْهَوَاءِ [مُتَسَنَّمًا] [٢] فَيَنْصَبُّ فِي أَوَانِي أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَى قَدْرِ مِلْئِهَا فَإِذَا امْتَلَأَتْ أَمْسَكَ وَهَذَا مَعْنَى قول قتادة وأصل كلمة السنام مِنَ الْعُلُوِّ، يُقَالُ لِلشَّيْءِ الْمُرْتَفِعِ سَنَامٌ وَمِنْهُ سَنَامُ الْبَعِيرِ. قَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ شَرَابٌ اسْمُهُ تَسْنِيمٌ وهو من [٣] أَشْرَفُ الشَّرَابِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وابن عباس: هو خالص للمقربين يَشْرَبُونَهَا صِرْفًا وَيُمْزَجُ لِسَائِرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَهُوَ قَوْلُهُ: وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧).
[سورة المطففين (٨٣) : الآيات ٢٨ الى ٣٤]
عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (٣٢)
وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤)
عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨)، وَرَوَى يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: مِنْ تَسْنِيمٍ قَالَ هَذَا مِمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السَّجْدَةِ:
١٧]، عَيْناً نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ، يَشْرَبُ بِهَا أَيْ مِنْهَا، وَقِيلَ: يشرب بها المقربون صرفا.
(٢) سقط من المخطوط.
(٣) سقط من المطبوع.