غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ أَبَدًا، وَلَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالْإِيمَانُ فِي قلب عبد أبدا».
[سورة الحشر (٥٩) : آية ١٠]
وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٠)
وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ، يَعْنِي التَّابِعِينَ وَهُمَ الَّذِينَ يَجِيئُونَ بَعْدَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَلِمَنْ سَبَقَهُمْ بِالْإِيمَانِ وَالْمَغْفِرَةِ، فَقَالَ: يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا غَشًا وَحَسَدًا وَبُغْضًا، لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، فكل مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ غِلٌّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَتَرَحَّمْ عَلَى جَمِيعِهِمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ عَنَاهُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَتَّبَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ثَلَاثَةِ مَنَازِلَ: الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ والتابعين الموصوفين بما ذكر، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ التَّابِعِينَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانَ خَارِجًا مِنْ أَقْسَامِ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: النَّاسُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَنَازِلَ المهاجرين، والذين تبوؤا الدار والإيمان، والذين جاؤوا مِنْ بَعْدِهِمْ، فَاجْتَهِدْ أَنْ لَا تَكُونَ خَارِجًا مِنْ هَذِهِ الْمَنَازِلِ.
«٢١٧١» أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَا عَبْدُ الله بن حامد أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن سليمان ثنا مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [١] بْنِ نمير ثنا أَبِي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أُمِرْتُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَبَبْتُمُوهُمْ سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَذْهَبُ هَذِهِ الْأُمَّةُ حَتَّى يَلْعَنَ آخِرُهَا أَوَّلَهَا».
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ: قَالَ عَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيُّ: يَا مَالِكُ تَفَاضَلَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عَلَى الرَّافِضَةِ بِخَصْلَةٍ سُئِلَتِ الْيَهُودُ مَنْ خَيْرُ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ، فَقَالَتْ أَصْحَابُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَسُئِلَتِ النَّصَارَى مَنْ خَيْرُ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ، فَقَالُوا: حَوَارِيُّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسُئِلَتِ الرَّافِضَةُ مَنْ شَرُّ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ، فَقَالُوا: أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرُوا بالاستغفار لم فَسَبُّوهُمْ، فَالسَّيْفُ عَلَيْهِمْ مَسْلُولٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا تَقُومُ لَهُمْ رَايَةٌ وَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ قَدَمٌ، وَلَا تَجْتَمِعُ لَهُمْ كَلِمَةٌ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ بِسَفْكِ دِمَائِهِمْ وَتَفْرِيقِ شَمْلِهِمْ وَإِدْحَاضِ حُجَّتِهِمْ، أَعَاذَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْأَهْوَاءِ الْمُضِلَّةِ.
قَالَ مَالِكُ بْنُ أنس: من انتقص [٢] أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ كَانَ فِي قَلْبِهِ عَلَيْهِمْ غِلٌّ فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ تَلَا: مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى [الحشر: ٨ و٩]، حَتَّى أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ [الحشر: ٨ و٩] وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ إلى قوله: رَؤُفٌ رَحِيمٌ.
- إسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر.
- روى مناكير، وهذا منها حيث رفعه، والصواب عن عائشة من قولها، والله أعلم. [.....]
(١) زيد في المطبوع «ثنا ابن» وهو خطأ.
(٢) في المطبوع «يبغضن».