محمد بن إسماعيل ثنا آدم ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ وَكَثُرَ النَّاسُ زاد النداء الثالث [١] عَلَى الزَّوْرَاءِ.
قَرَأَ الْأَعْمَشُ: مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِسُكُونِ الْمِيمِ، وَقَرَأَ الْعَامَّةُ بِضَمِّهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي تَسْمِيَةِ هَذَا الْيَوْمِ جُمُعَةً، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمَعَ فِيهِ خَلْقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَقِيلَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَغَ فيه مِنْ خَلْقِ الْأَشْيَاءِ فَاجْتَمَعَتْ فِيهِ المخلوقات. وقيل: لاجتماع الجماعات فيها. وَقِيلَ: لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا لِلصَّلَاةِ. وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ سَمَّاهَا جُمُعَةً كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ [٢] : أَوَّلُ مَنْ قَالَ أَمَّا بَعْدُ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ، وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ سَمَّى الْجُمُعَةَ جُمُعَةً، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: يَوْمُ الْعَرُوبَةِ.
وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: جَمَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، [قبل أن تنزل] [٣] يوم الْجُمُعَةَ وَهُمَ الَّذِينَ سَمُّوهَا الْجُمُعَةَ. وَقَالُوا لِلْيَهُودِ يَوْمٌ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ كُلَّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَلِلنَّصَارَى يَوْمٌ، فَهَلُمَّ فَلْنَجْعَلْ يَوْمًا نَجْتَمِعُ فِيهِ، فَنَذْكُرُ اللَّهَ وَنُصَّلِي فِيهِ، فَقَالُوا: يَوْمُ السَّبْتِ لِلْيَهُودِ، وَيَوْمُ الْأَحَدِ لِلنَّصَارَى، فَاجْعَلُوهُ يَوْمَ الْعَرُوبَةِ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَذَكَّرَهُمْ فَسَمُّوهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ بَعْدُ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَرَحَّمَ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ تَرَحَّمْتَ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بِنَا فِي هَزْمِ النَّبِيتِ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ فِي بَقِيعٍ يُقَالُ لَهُ: بَقِيعُ الْخَضِمَاتِ، قُلْتُ لَهُ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمئِذٍ؟ قَالَ:
أربعون.
«٢١٩٢» وأما أول جُمُعَةٍ جَمَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ [عَلَى مَا] [٤] ذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ: أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا نَزَلَ قَبَاءً عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ حِينَ امْتَدَّ الضُّحَى، فَأَقَامَ بِقَبَاءٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، وَأَسَّسَ مَسْجِدَهُمْ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَامِدًا الْمَدِينَةَ فَأَدْرَكَتْهُ صَلَاةُ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ فِي بَطْنِ وَادٍ لهم، وقد اتخذوا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَسْجِدًا فَجَمَعَ هناك وخطب.
قوله تَعَالَى: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ، أَيْ فَامْضُوا إِلَيْهِ وَاعْمَلُوا لَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ السَّعْيِ الْإِسْرَاعَ إنما المراد منه الْعَمَلُ وَالْفِعْلُ، كَمَا قَالَ: وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ [الْبَقَرَةِ: ٢٠٥]، وَقَالَ: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤) [اللَّيْلِ: ٤]، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقْرَأُ: فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود.
(١) في المطبوع «الثاني».
(٢) تصحف في المطبوع «سلعة». [.....]
(٣) العبارة في المطبوع «وقيل إن ينزل يوم».
(٤) زيادة عن المخطوط.