وأصل هذا أنّ خير الأشياء أوساطها، وأن الغلوّ والتقصير مذمومان.
قال الجوهري في «الصحاح» :﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ أي عدلاً، وكذلك روي عن الأخفش، والخليل.
وقال الزمخشري: وقيل للخيار وسطٌ؛ لأن الأطراف يتسارع إليها الخلل، والأوساط محميةٌ محوّطة ومنه قول أبي تمام.

كانت هي الوسط المحميّ فاكتنفت بها الحوادثُ حتّى أصبحتْ طرفاً
﴿عَقِبَيْهِ﴾ : العقبان: تثنية عقب، وهو مؤخر القدم، والانقلابُ عليهما بمعنى الانصراف والرجوع، يُقال: انقلب على عقبيه إذا انصرف عنه بالرجوع إلى الوراء.
والمعنى: لنعلم من يثبت على الإيمان، ممّن يرتد عن دين الإسلام، ويرجع إلى ما كان عليه من ضلال، والكلام فيه استعارة كما سيأتي.
﴿لَكَبِيرَةً﴾ : أي شاقة ثقيلة تقول: كبر عليه الأمر أي اشتد وثقل.
﴿لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ : الرأفة هي الرحمة، إلاّ أن الرأفة في دفع المكروه، والرحمة أعم تشمل المكروه والمحبوب.
﴿تَقَلُّبَ وَجْهِكَ﴾ : تقلّبُ الوجه في السماء: ترّدده المرة بعد المرة فيها، والسماءُ مصدر الوحي، وقبلة الدعاء.
قال الزجاج: المراد تقلب عينيك في النظر إلى السماء.


الصفحة التالية
Icon