اللطيفة الرابعة: في شهادة هذه الأمة على الأمم يوم القيامة أكبر دليل على فضل هذه الأمة المحمدية، وقد روي أن الأمم يوم القيامة يجحدون تبليغ الأنبياء، فيطالب الله الأنبياء بالبينة على أنهم قد بلّغوا - وهو أعلم - فيؤتى بأمة محمد فيشهدون، فتقول الأمم: كيف تشهدون علينا ولم تدركونا؟ فيقولون: نشهد بإخبار الله عَزَّ وَجَلَّ الناطق، على لسان نبيه الصادق بأنه قد بلغكم، فيؤتى بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيزكيهم ويشهد بعدالتهم.
أخرج البخاري في «صحيحه» : عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «» يُدعى نوح عليه السلام يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلّغكم؟ فيقولون: ما جاءنا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلّغ «
، فذلك قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾.
اللطيفة الخامسة: قوله تعالى: ﴿إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرسول﴾ أوّل علي بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: معنى (لنعلم) لنرى. والعرب تضع العلم ماكان الرؤية، والرؤية مكان العلم كقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفيل﴾ [الفيل: ١] بمعنى: ألم تعلم.
قال الطبري: «الله تعالى عالم بالأشياء كلّها قبل وقوعها، وإنما تأويل الآية ﴿إِلاَّ لِنَعْلَمَ﴾ أي ليعلم رسولي وأوليائي، إذا كان من شأن العرب إضافة أتباع الرئيس إلى الرئيس، نحو فتح عمر سواد العراق، وجبى خراجها، وإنما فعل ذلك أصحابه»
.


الصفحة التالية
Icon