الرابع: منشأ الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في البلد الأمين وفيه المسجد الحرام الذي هو قبلة المساجد فأحب أن يكون هذا الشرف للمسجد الذي في بلتده ومنشئه.
اللطيفة العاشرة: في التعبير عن (الكعبة) بالمسجد الحرام إشارة لطيفة إلى أن الواجب مراعاة الجهة دون العين، والسرّ في الأمر بالتولية خاصاً وعاماً ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام﴾ ثم قال: ﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ مع أن خطاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خطاب لأمته هو الاهتمام لشأن القبلة، ودفع توهم أن الكعبة قبلة أهل المدينة وحدهم، لأن الأمر بالصرف كان فيها، فربما فهم أن قبلة بيت المقدس لا تزال باقية.
قال الراغب: أما خطابه الخاص فتشريفاً له وإيجاباً لرغبته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ، وأما خطابه العام بعده فلأنه كان يجوز أن يعتقد أن هذا قد خُصّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ به، كما خُصّ في قوله ﴿قُمِ اليل﴾ [المزمل: ٢]، ولما كان تحويل القبلة له خطر خصّهم بخطاب مفرد.
الأحكام الشرعية
الحكم الأول: ما المراد بالمسجد الحرام في القرآن الكريم؟
ورد ذكر ﴿المسجد الحرام﴾ في آيات متفرقة من القرآن الكريم، وفي السنة المطهرة أيضاً، وقصد به عدة معان:
الأول: الكعبة، ومنه قوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام﴾ أي جهة الكعبة.
الثاني: المسجد كلّه، ومنه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «صلاةٌ في مسجدي هذا خير


الصفحة التالية
Icon