هذا إذا لم يكن المصلي مشاهداً لها، أمّا إذا كان مشاهداً لها فقد أجمعوا أنه لا يجزيه إلا إصابة عين الكعبة، والفريق الأول يقولون: لا بدّ للمشاهد من إصابة العين، والغائب لا بد له من قصد الإصابة مع التوجه إلى الجهة، والفريق الثاني يقولون: يكفي للغائب التوجه إلى جهة الكعبة.
أدلة الشافعية والحنابلة:
استدل الشافعية والحنابلة على مذهبهم بالكتاب، والسنة، والقياس.
أ - أما الكتاب، فهو ظاهر هذه الآية ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام﴾ ووجه الاستدلال: أن المراد من الشطر الجهة المحاذية للمصلي والواقعة في سمته، فثبت أن استقبال عين الكعبة واجب.
وأما السنة: فما روي في «الصحيحين» عن أسامة بن زيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنه قال: «لمّا دخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ البيت دعا في نواحيه كلّها، ولم يصلّ حتى خرج منه، فلمّا خرج صلى ركعتين من قِبَل الكعبة، وقال: هذه القبلة».
قالوا: فهذه الكلمة تفيد الحصر، فثبت أنه لا قبلة إلا عين الكعبة.
ج - وأما القياس: فهو أنّ مبالغة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في تعظيم الكعبة، أمر بلغ مبلغ التواتر، والصلاة من أعظم شعائر الدين، وتوقيفُ صحتها على استقبال عين الكعبة يوجب مزيد الشرف، فوجب أن يكون مشروعاً.
وقالوا أيضاً: كونُ الكعبة قبلة أمر مقطوع به، وكون غيرها قبلة أمر مشكوك فيه، ورعايةُ الاحتياط في الصلاة أمر واجب، فوجب توقيف صحة الصلاة على استقبال عين الكعبة.


الصفحة التالية
Icon